أولمبيك آسفي يصنع التاريخ: تتويج تاريخي بكأس العرش لأول مرة
في ليلة لن تُنسى في تاريخ مدينة آسفي، كتب نادي أولمبيك آسفي اسمه بأحرف من ذهب في سجل الكرة المغربية، بتتويجه بلقب كأس العرش للموسم الرياضي 2023-2024، لأول مرة في تاريخه الطويل. هذا الإنجاز التاريخي، الذي تحقق على أرضية المركب الرياضي بمدينة فاس، جاء بعد مباراة نهائية مثيرة جمعت الفريق المسفيوي بنهضة بركان، انتهت بالتعادل الإيجابي (1-1) قبل أن تبتسم ركلات الترجيح لـ”القرش المسفيوي” بنتيجة (6-5)، ليحسم اللقب لصالحه وسط فرحة عارمة اجتاحت شوارع آسفي.
لم يكن التتويج بكأس العرش وليد الصدفة، بل نتيجة مسار مميز وجهود متواصلة لفريق أولمبيك آسفي، الذي أظهر روحًا قتالية وإصرارًا لافتًا طوال منافسات البطولة. بدأت الرحلة بتجاوز شباب السوالم في دور الربع، بركلات الترجيح (5-4) بعد تعادل مثير (1-1)، ثم واصل الفريق تألقه في نصف النهائي بفوز صعب على اتحاد تواركة بهدف نظيف سجله الشرقي البحري، رغم النقص العددي بعد طرد إبراهيم البحراوي.
وصول الفريق إلى النهائي كان بمثابة إعلان عن طموحه الكبير لتحقيق حلم طال انتظاره.
في النهائي، واجه أولمبيك آسفي منافسًا قويًا، نهضة بركان، الذي سبق له التتويج باللقب في 2018 و2021، وكان يطمح لتعزيز خزائنه بلقب ثالث. افتتح أولمبيك آسفي التسجيل في الدقيقة 39 عبر اللاعب صلاح الدين الرحولي، لكن نهضة بركان أدرك التعادل في الدقيقة الأخيرة من الشوط الأول بواسطة يوسوفا دايو من ركلة جزاء. الشوط الثاني شهد لحظات دراماتيكية، حيث أضاع دايو ركلة جزاء أخرى تصدى لها الحارس المسفيوي كبير العلوي، ليبقي التعادل سيد الموقف حتى نهاية الوقت الأصلي والإضافي. في ركلات الترجيح، برزت شخصية أولمبيك آسفي القوية، حيث حسم اللقب بفضل براعة لاعبيه وثباتهم النفسي.
لا يمكن الحديث عن هذا الإنجاز دون الإشادة بدور جماهير أولمبيك آسفي، التي كانت الداعم الأكبر للفريق طوال الموسم. منذ انطلاق المباراة النهائية، تحولت شوارع آسفي إلى لوحة من الألوان الزرقاء والحمراء، حيث تجمع المشجعون في المقاهي وأمام الشاشات الكبيرة، يهتفون بحماس لدعم فريقهم. وبعد صافرة النهاية، انفجرت المدينة فرحًا، حيث خرجت الجماهير إلى الشوارع تحتفل بهذا الحدث التاريخي، في مشاهد تعكس فخر واعتزاز أهل آسفي بفريقهم الذي رفع اسم المدينة عاليًا. مواقع التواصل الاجتماعي غصت بالتهاني والاحتفالات، حيث عبر المشجعون عن فرحتهم بهذا اللقب الذي انتظروه لعقود.
وشهدت مراسيم التتويج حضور الأمير الجليل مولاي رشيد، الذي سلم الكأس الفضية لقائد الفريق المسفيوي وسط تصفيق حار من الجماهير التي حجت بكثافة إلى ملعب فاس. هذه اللحظة لم تكن مجرد تتويج بلقب، بل كانت تكريمًا لمسيرة نادٍ عانى لسنوات طويلة من أجل تحقيق حلم الظفر بكأس العرش، أغلى الألقاب الوطنية. اللاعبون، بقيادة المدرب أمين كرمة الابن البار للمدينة، أظهروا انضباطًا تكتيكيًا وروحًا قتالية، معتمدين على عناصر بارزة مثل الحارس كبير العلوي، صلاح الدين الرحولي، والشرقي البحري، الذين كانوا نجوم المباراة.
هذا التتويج ليس مجرد إضافة لقب إلى خزائن النادي، بل هو محطة فارقة في تاريخ أولمبيك آسفي، الذي تأسس قبل 124 عامًا. اللقب يمثل تتويجًا لجهود إدارة النادي، الطاقم التقني، واللاعبين، الذين عملوا بجد لتحويل الحلم إلى حقيقة. كما أنه يعزز مكانة آسفي كإحدى المدن المغربية التي تساهم في إثراء المشهد الكروي الوطني. هذا الإنجاز يفتح الباب أمام طموحات أكبر، سواء على المستوى الوطني أو القاري، ويؤكد أن أولمبيك آسفي بات قوة لا يستهان بها في الكرة المغربية.
الصورة الأكبر آسفي تحتفل بليلة لن تُنسى:
مع إطلاق صافرة النهاية، تحولت شوارع آسفي إلى كرنفال من الفرحة، حيث خرجت الجماهير تحتفل باللقب التاريخي. الأعلام الزرقاء والبيضاء تزينت بها الشوارع، وترددت أهازيج الفرح في كل زاوية من المدينة. هذه الاحتفالات لم تكن مجرد تعبير عن فوز رياضي، بل كانت انعكاسًا للوحدة والفخر الذي يجمع أهل آسفي حول فريقهم. مواقع التواصل الاجتماعي شهدت هي الأخرى فيضًا من المشاركات التي تحتفي بهذا الإنجاز، حيث وصف أحد المشجعين الفوز بأنه “لحظة تاريخية انتظرناها لعقود”.
تتويج أولمبيك آسفي بكأس العرش ليس نهاية المطاف، بل بداية لعهد جديد من الطموح والإنجازات. هذا اللقب يمنح الفريق دفعة معنوية هائلة لمواصلة العمل بجدية، سواء في الدوري الاحترافي أو في المنافسة على المزيد من الألقاب. لقد أثبت أولمبيك آسفي أن العزيمة والإصرار قادرة على تحقيق المستحيل، وأن مدينة آسفي، “حاضرة المحيط”، لها الآن مكانة بارزة على خريطة الكرة المغربية. مبروك لأولمبيك آسفي، ومبروك لجماهير المدينة التي تستحق هذا الفرح التاريخي!
Comments ( 0 )