تقنية التزييف العميق: التطور التكنولوجي الرائد وتحدياته
لعل التطور التكنولوجي الذي يعيشه العالم يطرح فرصاً جديدة لتسهيل الحياة والنهوض بشتى المجالات، لكنه يطرح تحديات أيضا كما هو الحال بالنسبة للذكاء الاصطناعي، مما أحدث ثورة في عصر الابتكار التكنولوجي الذي أضفى بصمة خاصة على توجهات السياسات والأنظمة العالمية من خلال ظهور تقنيات جديدة كتقنية التزييف العميق Deep Fake، على اعتبارها واحدة من أحدث التطورات التكنولوجية التي أثارت الجدل في الآونة الأخيرة، وتعتمد هذه التقنية على استخدام الذكاء الاصطناعي من أجل إنتاج محتوى وهمي يبدو وكأنه حقيقي يصعب التمييز بينه وبين الواقع.
تعد تقنية التزييف العميق قمة الإبداع التكنولوجي في شقه الإيجابي، نظرا لكونها تتيح لمستخدميها إمكانية تبديل الوجوه أو إنشاء نسخة رقمية لشخص معين، وكذا إنتاج فيديوهات بشكل مدهش يصعب على الإنسان العادي تمييزها، حيث تعتمد على شبكات عصبية متعمقة تتعلم من البيانات وتولد محتوى يشبه الواقع بدقة عالية.
رغم الإمكانيات الواعدة لهذه التقنية، إلا أنها تطرح مجموعة من التحديات التي يجب مواجهتها بإيجاد الحلول الناجعة والفعالة ولعل أهم المشاكل المترتبة عن تقنية التزييف العميق:
_ نقل المعلومات المضللة:
يتم ذلك عن طريق استخدام التزييف العميق في إحداث صور أو فيديوهات مزيفة، مما قد يؤثر سلباً على الثقة العامة في وسائل الإعلام وباقي المؤسسات الأخرى.
_ تهديد الخصوصية:
تتمثل في تزايد استخدام تقنية التزييف العميق التي تهدد خصوصية الأفراد عن طريق استعمال صورهم المزيفة من أجل الضغط والإبتزاز أو نشر معلومات كاذبة عنهم بهدف تحقيق المال أو السلطة.
_ التأثير على السياسة والديموقراطية:
يتضح ذلك من خلال إمكانية استخدام هذه التقنية لتضليل الرأي العام أو استهداف الشخصيات العامة، الأمر الذي يهدد العملية الديموقراطية والسياسية في المجتمعات.
وبرزت مجموعة من الشركات التكنولوجية التي دخلت على الموضوع الذي شغل بال الرأي العام، وبات يهدد أمن وسلامة الأفراد وحفظ خصوصياتهم، بالإضافة إلى تحدياته على السياسات الداخلية والخارجية للبلدان، مما استدعى دراسة هذه التقنية وإيجاد سبل التصدي لها.
أعربت الشركة التكنولوجية Intel التي تعتقد أن لديها الحل فيما يخص التزييف عبر تقنية photoplethysmography (PPG)، يعمل هذا النظام على الكشف عن التغييرات تدفق الدم في الجسم، حيث أن الوجوه التي تنتج عبر استخدام تقنية التزييف العميق لا تعطي هذه الإشارات، كما يقوم بتحليل حركة العين للتأكد من أنها حقيقية.
وأوضحت شركة Intel أن نظام كشف التزييف Fake catcher له قدرة دقيقة بنسبة %96، بينما يرى البعض أن هذا النظام غير قادر على تحليل الصوت أما البعض الآخر يؤكد أن ما يثير القلق هو إذا صنف البرنامج مقطع فيديو على أنه مزيف وهو في واقع الأمر أصليا. وبالتالي يصعب تقييم تقنية Fake catcher إلا بعد إخضاعها لتجارب خارجية معمقة.
يبدو أن العالم يعيش في حقبة تكنولوجية واعدة تقتضي المواكبة والتطور من أجل الإستمرار عن طريق استغلال التقنيات الجديدة فيما يخدم المصلحة العامة من جهة. وتحديد التدابير اللازمة لمواجهة تحدياتها من جهة أخرى، لتفادي المخاطر المتوقعة التي قد تؤثر سلباً على جميع المجالات وتهدد الخصوصية الفردية والجماعية
يثير الذكاء الاصطناعي قلقًا بشأن الخصوصية والأمان، ويثير مخاوف بشأن فقدان الوظائف وتعميق الانقسامات الاجتماعية، مما يجعله تقنية غير مرغوب فيها في بعض الحالات.