أورسولا ليندسي تعيد سيرة الكاتب المغربي: محمد شكري في عيون “نيويورك ريفيو”
تكرّم مجلة “نيويورك ريفيو” الكاتب المغربي محمد شكري في ملف خاص، يعيد تقديمه للجيل الحالي بعد عقدين من وفاته، مركزاً على كيفية تحويل تجربته الشخصية إلى صوت عالمي يفكك الرومانسية الاستعمارية المرتبطة بمدينة طنجة. يسلط التقرير، الممتد على أربع صفحات بعنوان “طنجة محمد شكري غير الرومانسية”، الضوء على مسيرة شكري الأدبية والإنسانية، مع بورتريه بريشة الرسامة جو تورنر.
جاء شكري من منطقة الريف هرباً من المجاعة، وعاش طفولة قاسية تخللتها الفقر والتشرد والانتهاك الجسدي. في سن الثانية عشرة، هرب من منزل عائلته، وعمل في أعمال شاقة، عاش في العراء، وباع جسده، بحثاً عن أمان مستحيل. في 1951، كانت تجربة السجن نقطة تحول؛ إذ اكتشف هناك أشعار أبي القاسم الشابي على جدران الزنزانة، فدفعته لتعلم القراءة والكتابة في سن العشرين. هذا التعلم المتأخر شكّل أساس كتاباته السيرذاتية، كروايته “الخبز الحافي”، التي عرت واقع طنجة بعيداً عن الأساطير الرومانسية التي نسجها الاستعمار.
تعكس كتابات شكري، كما تقدمها ليندسي، نقداً للوجه الرومانسي لطنجة، مشابهاً لما فعله هنري ميللر في نيويورك وباريس، أو فلوبير في نزع الوهم عن الأهرام. تربط ليندسي تجربة شكري بالسياق الاجتماعي والثقافي للمدينة، التي كانت ملتقى فنانين وكتاب غربيين مثل ويليام بوروز وجوزفين بيكر، جاؤوا إليها هرباً من القيود الاجتماعية والعنصرية. طنجة، بفضل تنوعها البشري في ظل الاستعمار، صارت فضاءً للحرية، جذبت الجواسيس والمهربين والفنانين البوهيميين، مما عزز أسطورتها.
تشارك ليندسي تجربتها الشخصية في طنجة عام 2006، حيث نزلت في فندق المنيرية، الذي ارتبط بكتابات بوروز، وتصف سحر المدينة “المنهار” بعد رحيل شكري. تؤكد أن كتاباته، الممزوجة بالنقد ما بعد الاستعماري، كشفت عن الهوية والعلاقات الإنسانية في طنجة، مانحةً إياه مكانة عالمية. من خلال تعلمه وكفاحه، خلّد شكري اسمه كصوت أدبي يتحدى الاستعمار ويحيي الواقع، تاركاً إرثاً يتجاوز الزمن.
Comments ( 0 )