إشحن طاقتك بكل ما هو طبيعي… علاقة المناعة بالإجهاد و نمط العيش.

هشام الحو

منذ القدم عبر العلماء على قناعتهم بأن ضغوط الحياة قد تُسهم في ارتفاع أمراض مرتبطة بالمناعة الذاتية للإنسان دون أن يتوافر لديهم فهم دقيق للكيفية التي يمكن أن تؤثر بها الضغوط اليومية على المناعة، باعتبارها مسألة معقدة مرتبطة بمجموع ظروف العيش المتاحة خاصة المرتبطة بعلاقة الإنسان المتحظر بمحيطه الذي فقد صلته بالطبيعة ،و دخل عالم الصناعة من أبوابها الواسعة معتمدا في ماكله و ملبسه على الصناعي من المواد الغذائية و أدوية وأقمشة إلى غير ذلك من المواد الأولية التي أصبحت من مستلزمات حياته اليومية. فيما بات كل ما هو طبيعي (bio) نوعا من الترف لا غير ،و موجها بالأساس لمستحضرات العناية بالجمال المفقود.
و هو ما تسبب في شيوع أمراض المناعة الذاتية من خلال عجز الجهاز المناعي،الذي فقد قدراته على تحديد الأجسام الغريبة وتمييزها عن الخلايا الجسدية، فيبدأ الجهاز المناعي بمهاجمة الجسم نفسه، مُسببا عددًا كبيرًا من الأمراض الشائعة عند عامة الناس و التي يزيد عددها على الثمانين و المرتبطة بشكل رئيس بنمط العيش الصناعي و ضغوط العيش بالوسط الحضري، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، والسكري من النوع الأول، والثعلبة، والبهاق، والتهاب القولون التقرحي، والتصلب المتعدد، والحساسية و قصر النظر ،والضعف الجنسي و القلق المزمن بأنواعه stress …
فبخصوص هذا الأخير و الذي يعتبر الإجهاد والتوتر النفسي من اشهر مسبباته و الاكثر تكلفة و شيوع بالدول المتقدمة المصنعة قبل جائحة كورونا.

إذ تشير النتائج المخبرية إلى أن الإجهاد يُسبب تغيرات في نشاط ميكروبات الأمعاء، التي تؤثر بدورها على الاستجابة المناعية بطريقة يُمكن أن تؤدي في النهاية إلى نوبات من مهاجمة الجسم.

فبعد أن قام باحثون بالجمعية الأمريكية لعلم الأحياء الدقيقة بتحليل الغدد الليمفاوية للفئران المُجهدة، وجدوا وفرةً في العديد من الأنواع البكتيرية المسببة للأمراض، كما وجدوا أيضًا نسبًا عالية من الخلايا التائية، مقارنةً بالفئران الطبيعية،
يشير الباحثون إلى أن هناك تداخلًا قويًّا بين الجهاز المناعي والميكروبات المعوية، فحين تشتد الضغوط النفسية على الفئران، تبدأ تلك الكائنات في عمل استجابات قوية تُغير من خصائصها، وتؤدي إلى حدوث خلل بالجهاز المناعي، تجعله يُهاجم نفسه عوضًا عن مهاجمة الميكروبات والتهديدات الخارجية.
كما تدعم العديد من الدراسات العلمية فكرة أن أحداث الحياة الصاخبة و المجهدة تؤدي دورًا في التسبب باضطرابات المناعة، إذ تؤدي إلى خلل في إفراز هرمونات الغدد الصماء. كما يؤدي الى خلل يُمكن أن يبدأ من محور الأمعاء الدقيقة، والبكتيريا المعوية، وهو أمر جديد تمامًا، وقد يُسلط الضوء على أساليب جديدة لعلاج أمراض المناعة الذاتية تبدأ من الأمعاء باعتبارها بيت الداء والدواء كما أشار إلى ذلك ابن سينا.صحة الإنسان تبدأ من الفم و اجتناب الجهد.

Share
  • Link copied
Comments ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (Number of characters left) .