إظهار الكراهية علناً …مصدر جديد للقوة على مواقع التواصل!؟
زاد انتشار اضطرابات الشخصية الحدية إلى تغيير إحساسنا بوجودنا في العالم الافتراضي، و انتقل هذا الوضع من المواقع نحو الواقع. فنحن نشعر باستمرار بأننا نخضع للحكم والمراقبة وكأننا نتعرض لهجوم مدفعي، ونتعرض للمناقشة والاتهام والتشهير والسخرية.
لكن كيف يمكننا أن نكون أي شيء سوى القلق الدائم ، والعيش وسط نيران متبادلة مستمرة، والاستعداد للهجوم والضربة المضادة، وتدريب أنفسنا على أن نصبح بلا رحمة أو مخدرين؟
من الناحية التاريخية، كان أسلافنا يفتقرون إلى التكنولوجيا التي تمكنهم من الإعلان على كرههم لشخص وبلا مجهود، عكس ايامنا هذه ..نستطيع التعبير عن كره شخص أمام جمهور من الملايين على مواقع التواصل الإجتماعي.
لقد أصبح الإظهار العلني للكراهية ـ المفرطة ـ يحدد عصرنا ويغير الطريقة التي نتفاعل بها. الكثير من موجات التنمر على السوشل ميديا، و الكثير من العبارات الدونية، و الكثير من الجنادرية من كلى الجنسين، إن حقيقة وجود الكراهية المفرطة قد حولت حياتنا اليومية إلى ساحة معركة. فالكراهية أصبحت هواية ومهنة ومهمة ورياضة. والأمر الأكثر إثارة للرعب هو أن الكراهية المفرطة، على الرغم من قوتها التدميرية، لا تتجلى وجهاً لوجه بل عن بعد، في الفضاء الافتراضي.
و لأنها ليست جديدة، كما أخبرتنا قصص المحاربين القدامى. حتى هذا القرن، بعد أن خضعوا لتدريب الخوف والإيمان، واعتقادهم بأن الحسد والكبرياء والغضب خطايا مميتة، كان أسلافنا يخفون كراهيتهم الشخصية في الود وتجنب الصراع وضبط النفس.
الحرية اليوم، التي نُلقي بها الأذى على الآخرين أصبحت تتعدى أسلافنا بعد ظهور مواقع التواصل!
لقد تغير الزمن !
فعلى مدار فترات تاريخية عديدة، لم تكن عملية الدفاع عن النفس تتطلب الإرادة و النقر على لوح المفاتيح فحسب، بل كانت تتطلب أيضاً القوة والعضلات والمجازفة و المواجهة و المروءة إذا كان العدو فاسداً. ولنتخيل مدى صعوبة تنظيم أو حتى المشاركة في الزحف على سفوح تلال الفاسدين و اعلان كرهنا، أو غناء عبارة “القايد عويسى” لتحقيره امام جدار قلعته كما فعلت المرأة الحرة في زمن السيبة.
أكيد أن أسلافنا كانوا ليصابوا بالغثيان عندما يروننا نمزق بعضنا البعض دون أي جهد على مواقع التواصل الاجتماعي، كما ان أجيال اليوم لربما كانوا ليصابوا بالصدمة عندما يعلموا أن الأجيال السابقة لم تستطع أن تعلن ذلك الكره. فنشأة أفراد الجيلين الصاعدين اللذين يعانون من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لن يستطيعوا، حتى بينهم الجسدية لن تمكنهم، بل تدفعهم هذه الضغوطات أحياناً إلى إنهاء حياتهم. لن نغطي الحقيقة بهذا المقال، لأن الكراهية المنتشرة على مواقع التواصل تغذي أزمة الصحة العقلية التي تعيق الشباب الآن. ومع ذلك، فإن وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يسود اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، في تزايد.
السؤال
هل مرد كل الإثارة التي تصاحب استخدام التواصل الرقمي كسلاح والقدرة على إحداث الأذى تفوق الخوف من التعرض للأذى؟
هل القدرة على إحداث الألم إجبارية في عصرنا ؟
الواقع
القسوة شيء رائع ،تعبر عن قوة الشخصية!
لقد أصبحنا نحب أن نَكره !
وصلنا لدرجة نحب فيها الأشياء التي نكرهها معًا بشكل أفضل. وباعتبارنا (كائنات اجتماعية)، فإننا نريد أن يحب الملايين ما نكرهه. ونريد أن يجعلنا تعاطفنا مع المقهورين و المستضعفين مشهورين، لأن القسوة أصبحت عملة رائجة هذه الأيام، والقسوة أصبحت أمرًا يعطينا مكانة وسط المجتمع.
و اذا اصبحت الكراهية امتيازًا؟ فهل هي مرضية أم طبيعية؟ هل هي تقدم أم علامة على انحدارنا إلى القاع؟ ام أننا في القاع فعلاً ؟ هل ينبغي أن تكون الكراهية تمثيلية، تحل محل السينما و المسرح والكوميديا والخطابة؟ هل ينبغي أن تكون ممتعة إلى هذا الحد ! ام أن الأمر أعمق من حدود إدراكنا لوعينا كمجتمع يحارب كل هذا العبث في العلن ليمارسه على انفراد أمام لوح مفاتيح الهواتف الذكية..
لغة الحب هي الأخرى تعاني من الوعاء اللغوي المتداول ، ولم تعد لغة مساعدة ذاتية – تتحدث عن الطرق التي نعبر بها عن المودة ونستوعبها. لأن الوعاء اللغوي الذي شربنا منه في الشوارع و المواقع يغرف من مصطلحات الكراهية- الميمات والإهانات والرموز واللغة العامية الوقحة التي أصبحت تشكل عاطفتنا. بالطبع دون جرأة ! لأن التعبير عن الحب يتطلب جرأة اكبر في زماننا، عكس الوقاحة التي لم تعد تتطلب الكثير من الواجهة على المواقع.
السؤال الرئيسي
هل نكون من الشجعان الذين يسحقون الأشرار ويصححون الأخطاء؟ أم أننا من الحلمان التي تتسلل إلى ترف عدم الكشف عن هويتها بينما نطلق أرخص الطلقات الممكنة؟ أم أننا مجرد شخصيات في فيلم خيال علمي حيث يختبئ سلاح مستقبلي قاتل في كل جيب، ويخرج من كل شاشة، ويعيد توصيل أدمغتنا، ويلوث حبنا لبعض.
منظور مختلف:
دائمًا ما يبتكر الشباب طرقًا جديدة للتعبير عن حبهم، أو للتعبير عن مشاعرهم على نحو غير مباشر.
حيث انتشرت منشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحمل أرقامًا تبدو عشوائية، تقع جميعها بين العددين 901 و926.
و تولى بعض أصحاب هذه المنشورات تفسير ما تشير إليه.
كاشفين أن تلك الأرقام مرتبطة بحروف اللغة الإنجليزية، وعددها 26 حرفًا، ورقم 900 يعنى “أحب”، وكل حرف له رقم بالترتيب بمعنى أن حرف A = 1، B = 2، C = 3، وهكذا حتى أن تصل لحرف Z = 26
Comments ( 0 )