إنجاز المهام الكبيرة و البقاء على المسار الصحيح .. !
أسباب فشل المشاريع العملاقة بشكل متكرر ومعرفة طريقة إبقائها على المسار الصحيح يتطلب الكثير من الجهد و المانحين و الوقت ..
في بداية انطلاقة إنشاء ميناء آسفي الجديد في مارس 2013 بميزانية 3,929 مليار درهم لتزويد البلاد بميناء قادر على الاستجابة، في الشطر الأول، لاحتياجات المرحلة الأولى للمحطة الحرارية المستقبلية للمكتب الوطني للماء والكهرباء من حيث حركة مرور الفحم، وتلبية احتياجات التوسع في الشطر الثاني لاستضافة سفن أخرى ناقلة للفحم وغيرها من الأنشطة (المكتب الشريف للفوسفاط، خام ميناء آسفي المدينة… الخ.) وغيرها من أنشطة المرور المختلفة ،كان مقررا الانتهاء من الأشغال في مارس 2017 اي بمدة إنجاز لن تتجاوز 53 شهرا ،لكن تصدعات الرصيف الشرقي للميناء الجديد ،اخرت من انتهاء الأشغال في الوقت المحدد ،لتبدأ المحطة الحرارية في الاشتغال مقابل تخلف اشغال الميناء الجديد ،لتزيد بعدها تكلفة المشروع و تمديد فترة الموعد النهائي لتسليم هذه المنشأة العملاقة ، وضع زاد من الضغط على الميناء القديم الذي تكلف بسد الخصاص الحاصل باستقباله لشحنات الفحم لسد حاجيات المحطة في المرحلة التجريبية.
“ما يهمنا من كل هذا هو مراجعة كيف يتم إنجاز المهام الكبيرة و البقاء على المسار الصحيح ؟”
مشاريع كبرى
تمت الموافقة على التصميم النهائي للميناء الجديد في فبراير 2020، وبدأ تزويد المحطة الحرارية بالفحم عبر حزام متحرك بعد وصول أولى الشحنات، حملتها باخرة عابرة للمحيطات .
– استقبلت”محطة SAFIEC” الجديدة المصنفة ضمن احدث اجيال مثيلاتها أخيرًا أولى شحنات الفحم الحجري؛ أي متأخرًا 3 سنوات عن الموعد المحدد، وبسعر مضاعف.
– يشير أداء أكثر من مشروع عام إلى أن الشركات معرضة تمامًا لإساءة تقدير تكاليف ومخاطر الاستثمارات الكبرى لكن الشركة الكورية DAEWOO المختصة في البناء و الهندسة استطاعت مصارعة الوقت لإكمال المحطة بأسرع وقت ،لكن على حساب سلامة العمال اللذين واجهوا الضغط و الحوادث المميتة ،لان تكلفة الإسراع دائما ما تكون وخيمة.
– يتم الانتهاء من مشروع واحد فقط من بين عدة مشاريع في الوقت المحدد وفي حدود الميزانية و تحقيق الفوائد الموعودة.
من بين المشاريع العديدة التي كانت مقررة لشروع باشغالها في حاضرة المحيط في 2012 عديدة .منها ما تعثر في بداياته و منها ما يسارع الزمن إلى حدود يومنا هذا ،نذكر منها مركز “OCP Skills” بسيدي بوزيد(لاوجد له) ،و محطة تحلية المياه العادمة, ومحطة أخرى لتحلية مياه البحر (طور الإنجاز)، و المدار الحضري الذي كان يهدف إلى نقص الضغط على حركة السير و الجولان بالمدينة, إضافة لمشروع استنبات ارفع أنواع التين بجماعة الصعاضلة (لم يلقى المواكبة) ، والحزام الاخضر (زحف عليه الاسمنت)، تهيأت المدينة العتيقة (….) وقصر البحر (على وشك الانهيار )…
إن معظم المشاريع الكبيرة لا تتعرض فقط لخطر عدم الوفاء بما وعدت به. إنهم معرضون أيضا لخطر الوقوع في خطأ كارثي، حيث حدّد عيبين شائعين في تطوير المشاريع الكبرى وهما التخطيط غير الكافي والتنفيذ المطول.
يقال إن المديرين والسياسيين لديهم ميل للاندفاع إلى العمل، وغالبًا ما يتعاملون مع التخطيط على أنه مصدر إزعاج يجب تحمله قبل بدء العمل الحقيقي.
قد يؤدي فرض المواعيد نهائية الضيقة للإنجاز إلى تحمل المزيد من التكاليف والوقت، إذ يمكن أن يؤدي التخطيط المتسرع إلى مشاكل تظهر لاحقًا، مما يؤدي إلى حدوث تأخيرات تؤدي إلى ارتفاع التكلفة و مغادرة المانحين و انتشار الفساد الإداري..
كما تعتبر الأحداث ذات الاحتمالية المنخفضة اكبر مصادر الخطر على المشاريع الكبرى، و هي غالباً ما تحدث بعد بدء البناء أو التنفيذ ،احتمالات غير متوقعة و غير محسوبة العواقب .
و هذا ما وقع بالفعل مع انتشار الوباء و انفجار التضخم و الجفاف (الإجهاد المائي)مما أدى إلى تأخير أفضل الخطط وتغيير تقديرات التكلفة رأساً على عقب.
لتبقى الطريقة الأفضل للتخفيف من المخاطر “هي التفكير ببطء ،و العمل بسرعة” مع مسؤولين بعيدين عن الشبهات و الاختلاسات و أكفاء ، لتجنب ما حصل مع رئيس البلدية السابق و الذي يبحث عن إبراء الدمة أمام المحاكم ،مُستنجدا بعدم كفائته.
مثال حي لتقريب الفكرة :
1 – يبدأ إنشاء فيلم PIXAR المُطور من شركة “والت ديزني” بمخطط موجز يصف القصة. تم انتقاد المخطط وتعديله. ثم يتم تحويل النص إلى لوحات قصصية مفصلة، حوالي 2700 لوحة، لعمل فيديو بدائي يحاكي الفيلم النهائي.
2 – يتم عرض الفيديو بعد ذلك على موظفي PIXAR المتفرغين والذين تؤدي ملاحظاتهم إلى مراجعات كبيرة. يتم بعدها إنشاء القصص المصورة الجديدة، وتتكرر العملية سبع إلى مرات.
1 – يتيح هذا الإجراء للمخرجين حرية التجربة، لكنه يضمن اختبار كل جانب من جوانب الفيلم والتدقيق فيه قبل أن تلتزم PIXAR بعملية الرسوم المتحركة المكلفة (أفلام ديزني الاعلى تكلفة في السوق).
من منظور اوسع :
تعد أفضل طريقة للسيطرة على تكاليف المشاريع الكبيرة هي تقسيمها إلى خطوات صغيرة يمكن تكرارها.
Comments ( 0 )