الأزمة الليبية وحركية نشيطة للدبلوماسية المغربية

تشهد الأجواء المغربية – الليبية حركة غير عادية طيلة الأسابيع الماضية، حيث تتوالى زيارات المسؤولين الليبيين للمملكة المغربية التي تقوم بمهام الوساطة بين الفرقاء، لحل الأزمة في هذا البلد المغاربي الذي غاب عنه الإستقرار منذ اندلاع الثورة في 2011. يأتي ذلك موازاة مع المباحثات الأممية والإجتماعات الإقليمية والدولية رفيعة المستوى التي تجرى باستمرار.
المغرب الذي اختار منذ البداية الإصطفاف إلى جانب مصالح الشعب الليبي بعيداً عن الأطماع الإقتصادية والجيوستراتيجية لبعض الدول الأخرى، وهو ما يجعل من المغرب ذو مصداقية وثقة من طرف الليبيين. اصطفاف جسده المغرب حقيقة من خلال رعايته لمشاورات الصخيرات واستقبال نواب البرلمان الليبي بطنجة ثم حوار بوزنيقة. خطوات بنوايا صادقة أدت إلى توافقات مهمة في مسار حل الأزمة باعتراف جميع المتدخلين.
– المسار الليبي ومحولة تصفية الحسابات :بينما يشتغل المغرب بنوايا صادقة في إطار وساطة إيجابية لإيجاد حل نهائي للأزمة، تحاول بعض الأطراف الأخرى (ألمانيا، اسبانيا ..) استعمال الملف كوسيلة ابتزاز وتصفية للحاسابات مع المغرب. يبدو الأمر جليّاً من خلال ما أقدمت عليه ألمانيا بإقصاء المغرب من مؤتمر برلين الأول، وهو ما اعتبره المغرب محاولة يائسة لطمس الدور المغربي المعترف به والذي لا يمكن الإستغناء عنه خلال هذا المسار.رد الدبلوماسية المغربية كان حازماً، تجسد واقعياً باستقبال وزيرة الخارجية الليبية، ثم رئيس الحكومة المؤقتة خالد المشريبداية الشهر المنصرم. المسؤولون الليبيون أبدوا امتنانهم للمغرب، مؤكدين أن رؤية المملكة تحظى بالمصداقية والقبول في ليبيا.
الرسالة التي التقطتها برلين سريعاً، وفي محاولة منها لتخفيف حدة الخلاف مع الرباط، قامت بدعوة المغرب لمؤتمر برلين الثاني.
– رؤية المغرب تتجاوز المؤتمرات واجتماعات الغرف المغلقة :
بعد استدراك ألمانيا لخطوتها الإرتجالية الأولى عبر دعوة المغرب للمؤتمر الثاني، كان رد المغرب تابثاً في هذا الشأن. إذ أوضح وزيرة الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة في الندوة الصحفية التي أعقبت زيارة أخرى لرئيس مجلس النواب الليبي للمملكة أن دور المغرب لم يبدأ ولن ينتهي مع برلين، وأضاف أن انخراط المغرب في مسار التسوية كان قبل هذه الإجتماعات والمؤتمرات التي لن تزيد ولن تنقص من مكانة المغرب بمجرد تلقي دعوة للمشاركة. بوريطة وجه رسالة مباشرة لألمانيا حين صرح بأنه يتوجب على من لم يقم بدعوة المغرب في مؤتمر برلين الأول أن يوضح أسباب هذا التغير المفاجئ في الموقف.المسؤول الديبلوماسي المغربي أكد أمام أنظار نظيره الليبي أن دور المغرب ليس الحضور للمؤتمرات بل الوقوف مع إرادة الليبيين، مؤكداً في الآن ذاته أن لا حل “برليني” لمشكل شمال افريقي.

هذه الدينامية رفيعة المستوى والتي تعززت باستقبال رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية هذا الأسبوع، تؤكد أن المغرب ماضٍ في المسار الذي اختاره لتسوية الوضع الليبي.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)