الأمير مولاي هشام يقاضي الطاوجني: جدل حول حرية التعبير وأخلاقيات الصحافة

الأمير مولاي هشام يقاضي الطاوجني: جدل حول حرية التعبير وأخلاقيات الصحافة

 

 

 

أثارت تصريحات السيد رضا الطاوجني، التي نشرها عبر قناته على اليوتيوب، جدلا واسعا في الوسط الإعلامي المغربي والرأي العام. فقد اعتبرها الأمير مولاي هشام إساءة لشخصه ومساس بشرفه واعتباره، ما دفعه للجوء إلى القضاء للمطالبة بحقه كمواطن مغربي، مؤكدًا على التمسك بقيم حرية التعبير شريطة أن تُمارس بعيدًا عن أساليب التشهير.

 

و هذا ما جاء في نص تدوينة الأمير هشام العلوي:

 

“على إثر تصريحات السيد محمد رضا الطوجني بتاريخ 11 سبتمبر 2025، بواسطة شريط حول شخصي نشره وعممه على موقع يوتوب، وبناءً على ما ورد فيه من اتهامات وعبارات تمس الشرف والاعتبار، فقد قررت كمواطن اللجوء إلى القضاء للمطالبة بحقي في الإنصاف بما يقتضيه القانون. وفي هذا الصدد، أشكر النقيب عبد الرحيم الجامعي الذي تقدم باسمي بشكاية في الموضوع. وفي الوقت نفسه، أجدد تأكيدي على إيماني العميق بحرية الرأي والتعبير، باعتبارها ركيزة لترسيخ قيم التعدد والانفتاح، شريطة أن تمارس بعيدًا عن أساليب التشهير، كما أثمّن بالمناسبة عالياً جهود نساء ورجال الصحافة الملتزمين بأخلاقيات المهنة وقيمها النبيلة”.

 

وقد انقسمت ردود الفعل بين من اعتبر أن تصريحات الطاوجني تجاوزت الأخلاقيات وتستوجب المسائلة القانونية، وبين من طالبوا بعدم متابعته قضائيا، معتبرين أن له حق التعبير والنقد، حتى مع تجاوز الحدود أحيانا.

 

ويرى آخرون أن الطاوجني، مهما كانت مواقفه الوطنية، لا يملك الحق في التدخل أو التعليق على الأمور العائلية للأمير مولاي هشام. فالتعرض لشخصه أو التهكم عليه يعد تجاوزًا للحدود المهنية والأخلاقية للصحافة فما بالك بالنسبة للمؤثرين بوسائل التواصل الاجتماعي، فضلا عن المس بكرامة الأسرة العلوية. ولهذا، يعتبر الكثيرون أن اللجوء إلى القضاء قرار صحيح للحفاظ على الاحترام الواجب لشخص الأمير وأسرته، مع التأكيد على أن حرية التعبير تبقى حقا مشروعا، يجب ممارسته بمسؤولية وبحدود المهنية.

 

غير أن هذا الجدل يعيد من جديد طرح أسئلة عميقة من قبل الناقدين حول مفهوم حرية التعبير وحدودها، ومدى علاقة الصحافة بمسؤولياتها الأخلاقية والمهنية. فالصحافة ليست فقط منبرًا لطرح الآراء أو لتصفية الحسابات، بل هي سلطة رابعة يفترض أن تقوم بدور أساسي في تنوير الرأي العام وتعزيز النقاش العمومي بشكل مسؤول وبناء.

 

في هذا الصدد، تطرقنا في مقالات سابقة إلى أن الصحافة المهنية الحقيقية لا تقوم إلا إذا وضع لها إطار قانوني وتنظيمي يضمن للصحفيين ممارسة مهنتهم بحرية ومسؤولية في آن واحد. وهذا لن يتحقق إلا من خلال التعجيل بإخراج النظام الأساسي للصحفي المهني ( الذي يخضع لتعديلات) إلى حيز التنفيذ، بما يضمن كرامة الصحفي ويحدد التزاماته وحدود ممارسته.

 

بالإضافة إلى ضمان الوضعية المادية والاعتبارية للصحفي المهني حتى يتمكن من ممارسة عمله في ظروف مستقرة، بضمير مهني نزيه ومحايد، على اعتباره سلطة رقابية حازمة وجريئة لا تنحاز لأي جهة معينة. وهو أمر بالغ الأهمية يحتاج من المسؤولين أخذه بعين الاعتبار إذا كانت هناك فعلاً إرادة إصلاحية حقيقية لإعادة الاعتبار للصحافة المغربية.

 

في سياق متصل، إن النهوض بقطاع الإعلام لم يعد ترفًا أو مطلبا فئويا، بل أصبح ضرورة وطنية لاسترجاع إشعاع الصحافة ودورها المحوري في معالجة القضايا الكبرى، وفي مواجهة الأخبار الزائفة والتشهير والممارسات التي تسيء إلى صورة المهنة. نحن بحاجة إلى إعلام نزيه، فعّال، قادر على استعادة ثقة المواطن، وإلى صحفيين ملتزمين بأخلاقيات المهنة يكونون شركاء حقيقيين في قاطرة التنمية والديمقراطية.

 

ويبقى ملف الطاوجني والأمير مولاي هشام مثالا واضحا على الحاجة الملحة إلى ضبط العلاقة بين حرية التعبير واحترام كرامة الأفراد، وبين النقد المشروع والتشهير المرفوض. فالمجتمع اليوم في أمس الحاجة إلى إعلام قوي وموثوق، يطرح القضايا بجرأة ومسؤولية، دون أن ينزلق إلى الإساءة أو التلاعب أو التواطؤ .

 

Share
  • Link copied
Comments ( 1 )
  1. الشاعر :

    الحرية لها حدودوالاحترام من الاخلاق

    0

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (Number of characters left) .