الدنيا سكتات…
يعيش قطاع غزة في عام 2025 واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخه الحديث، حيث يواجه السكان مجاعة كارثية تتفاقم يومًا بعد يوم نتيجة الحصار الإسرائيلي المستمر، إغلاق المعابر، ومنع دخول المساعدات الإنسانية. صورة صحفي يحمل لافتة كتب عليها “صحفي جائع يكتب تقرير عن الجوع في غزة” تلخص المأساة التي لا تقتصر على المدنيين فحسب، بل تمتد لتشمل حتى أولئك الذين يكافحون لتوثيق هذه الأزمة.
الأوضاع الإنسانية: جوع كارثي وانهيار النظام الصحي
تشير التقارير إلى أن قطاع غزة يعاني من “جوع كارثي” وصل إلى المرحلة الخامسة وفق تصنيف الأمن الغذائي المتكامل (IPC)، حيث يواجه 470,000 شخص مستويات جوع شديدة، ويعاني جميع السكان من انعدام الأمن الغذائي الحاد. لقد أدى إغلاق المعابر منذ مارس 2025 إلى شح الغذاء، مما جعل ثلث سكان القطاع بلا طعام لأيام. الأطفال هم الأكثر تضررًا، حيث ارتفع عدد الوفيات بسبب سوء التغذية إلى 69 طفلًا، مع توقعات بحاجة 71,000 طفل و17,000 أم إلى علاج عاجل من سوء التغذية الحاد.
النظام الصحي في غزة يعيش انهيارًا شبه كامل، حيث تضررت 94% من المنشآت الصحية، وسُجلت 1200 حالة فقدان بصر كلي أو جزئي في حي النصر ومدينة غزة. مستشفيات مثل الأقصى والعودة تعاني نقصًا حادًا في وحدات الدم، حيث يتوفر 2000 وحدة فقط من أصل 10,000 وحدة مطلوبة شهريًا. هذا الوضع تفاقم بسبب القصف المستمر، حيث استهدفت القوات الإسرائيلية خيام النازحين ومراكز توزيع المساعدات، مما أسفر عن مقتل العشرات من المدنيين، بينهم 15 طفلًا في يوم واحد.
تصريحات الصحفيين الميدانيين: صوت الحقيقة وسط الجوع
الصحفيون الميدانيون في غزة ليسوا مجرد شهود على المأساة، بل هم جزء منها. الصحفي أنس الشريف، مراسل قناة الجزيرة، وجه رسالة مؤثرة عبر منصة إكس، واصفًا الوضع بأنه “كارثة إنسانية”، مشيرًا إلى أن السكان، بما فيهم النساء والأطفال، يتعرضون للتجويع تحت الحصار والقصف الإسرائيلي المستمر. وطالب بتدخل عاجل لإدخال المساعدات الإنسانية لإنقاذ حياة الملايين.
في السياق ذاته، الصحفي بشار، الذي يعمل مع وكالة إخبارية منذ عام 2010، نشر رسالة على فيسبوك في 19 يوليو 2025، قال فيها: “لم تعد لديَّ القوة للعمل في وسائل الإعلام”، معبرًا عن إرهاقه الجسدي والنفسي بسبب الجوع والظروف القاسية. هذه الشهادات تعكس معاناة الصحفيين الذين يواجهون الجوع والإرهاق أثناء أداء واجبهم في توثيق الأحداث.
وكالة الأونروا نقلت عن الصحفيين الميدانيين شهادات مفجعة، حيث وصفوا أنفسهم وهم “يغمى عليهم من الجوع والإرهاق” أثناء تغطية الأحداث أو محاولة تخفيف معاناة السكان. وأكدت جولييت توما، ممثلة الأونروا، أن “غزة أصبحت جحيمًا على الأرض، ولا أحد يُستثنى، حتى العاملون في المجال الإنساني يتضورون جوعًا”. هذه التصريحات تبرز مدى التداخل بين معاناة الصحفيين والمدنيين، حيث يواجه الجميع خطر الموت جوعًا أو تحت القصف.
يواجه الصحفيون في غزة تحديات غير مسبوقة، حيث منعت إسرائيل وسائل الإعلام الدولية من دخول القطاع منذ ما يقرب من عامين، مما جعل الصحفيين المحليين المستقلين، مثل كاتب النصوص ومصوري الفيديو، المصدر الوحيد للمعلومات. هؤلاء الصحفيون يعملون في ظروف بالغة الصعوبة، حيث يواجهون خطر الاستهداف المباشر، كما حدث عندما قُتل 13 شخصًا من منتظري المساعدات في هجوم إسرائيلي. ومع ذلك، يواصلون عملهم لنقل صورة “المجزرة الصامتة” التي وصفتها الأونروا، حيث سُجلت 86 وفاة بسبب الجوع، 76 منهم أطفال.
مطالب دولية واستجابة غائبة
على المستوى الدولي، أصدرت 27 دولة غربية، بقيادة بريطانيا، بيانًا مشتركًا في 22 يوليو 2025، طالب بوقف الحرب فورًا، واصفًا معاناة المدنيين بأنها “غير مسبوقة”. كما رحبت مصر بهذا البيان، داعمةً رفض خطط إسرائيل لنقل السكان قسرًا إلى “مدن إنسانية”، ومعتبرة ذلك انتهاكًا للقانون الدولي. لكن الأمم المتحدة تتردد في إعلان حالة المجاعة رسميًا، متذرعة بمعايير فنية صارمة، رغم توفر الشواهد الميدانية التي تؤكد وجود مجاعة فعلية.
الصورة الأكبر:
الصورة التي حملها الصحفي الجائع في غزة ليست مجرد لافتة، بل صرخة تعبر عن واقع مروع يعيشه القطاع. الصحفيون الميدانيون، رغم جوعهم وإرهاقهم، يواصلون توثيق هذه المأساة، لكن صوتهم يحتاج إلى تضخيم دولي عاجل. إن رفع الحصار وإدخال المساعدات الإنسانية ليس مجرد مطلب، بل ضرورة إنسانية لإنقاذ ملايين الأرواح. غزة اليوم ليست فقط تحت القصف، بل تختنق جوعًا، وصوتها يجب أن يصل إلى كل ضمير حي.
Comments ( 0 )