الشرف يتبرأ من الخوارج عنه: قيمته الحقيقية بين الأصالة والافتراء

الشرف يتبرأ من الخوارج عنه: قيمته الحقيقية بين الأصالة والافتراء

 

 

الشرف، هذه الكلمة التي لطالما ارتبطت بالقيم الرفيعة والمبادئ الراسخة، لم تكن يوما مجرد شعار يرفع أو لقب يمنح. إنه جوهر عميق يترسخ في السلوك والأفعال وهو قيمة لا تنال إلا بالالتزام والمصداقية. ومع ذلك، بات هذا المعنى السامي عرضة للتحريف، حيث استخدم كسلاح في أيدي المفسدين لتبرير مصالحهم أو تشويه خصومهم.

 

في زمن تعصف فيه المصالح الشخصية، أصبح الشرف أداة يوظفها البعض لتحقيق غاياتهم. كم من شريف ألصقت به التهم لتشويه سمعته وإقصائه، وكم من فاسد أُسبغت عليه صفات البطولة والشرف زورا ليصبح واجهة خادعة للناس. هؤلاء الفاسدون، وإن ارتدوا أقنعة زائفة فإن تصرفاتهم تكشف حقيقتهم وأنياب الخيانة لا تُخفيها الابتسامات المزيفة.

 

إن الشرفاء الحقيقيون لا يحتاجون إلى تزكية من أحد. أفعالهم وأقوالهم تكفي للدلالة عليهم فهم لا يتغيرون بتغير الظروف أو الأهواء. أما الفاسدون، فهم كمن يبيع المبادئ عند أول فرصة لتحقيق مكاسب آنية غير مدركين أن الشرف لا يُباع ولا يُشترى.

 

كما أن الشرف لا يمكن حصره في زاوية ضيقة أو مفهوم محدد. إنه يشمل الالتزام بالمبادئ، الوفاء بالوعود، والعمل لما فيه الخير للجميع. و الرجل الشريف هو الذي يحافظ على قيمه حتى في أحلك الظروف، والمرأة الشريفة هي التي ترتقي بنفسها وبسلوكها ولا تقبل إلا بما يحفظ كرامتها ويُعزز مكانتها.

 

لكن في ظل التحولات الاجتماعية، نجد من يحصر الشرف في معناه التقليدي السطحي، بينما يبيع القيم والأخلاق مقابل مكاسب تافهة. هؤلاء لا يدركون أن الشرف الحقيقي هو انعكاس للأصالة الداخلية التي لا تهتز أمام المغريات أو الضغوط.

 

في خضم التغيرات السريعة التي يشهدها العالم، يبرز سؤال محوري: هل الزمن هو الذي غير القيم؟ أم أن البشر هم الذين أعادوا صياغة العالم وفق مصالحهم؟ الحقيقة أن الالتزام بالأخلاق والمبادئ يظل مسؤولية فردية، لا تتأثر بتغيرات الزمن أو اختلاف المعايير.

 

ويعتبر الشخص المتزن هو الذي يُدرك قيمة الشرف ويعمل على صونه، مدركاً أن الأخلاق هي الأساس الذي تقوم عليه المجتمعات. من يؤمن بوجود الله ويراقبه في أفعاله، لا يمكن أن يخون شرفه أو يتنازل عن مبادئه مهما كانت الظروف.

 

في عالم يميل إلى زيف المظاهر، يبقى الشرفاء هم النور الذي يهدي المجتمعات نحو القيم الحقيقية. و الشرف ليس مجرد كلمة تُقال، بل هو التزام يومي ومسار حياة. من يصونه يبقى خالداً في ذاكرة الناس ومن يفرط فيه يفقد احترامه وقيمته إلى الأبد.

 

 

 

Share
  • Link copied
Comments ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (Number of characters left) .