الصحافة “الاسترزاقية” والانتخابات: الاستعدادات تحت الدف..

الصحافة “الاسترزاقية” والانتخابات: الاستعدادات تحت الدف..

 

 

 

في ظل اقتراب الاستحقاقات التشريعية بالمغرب، يبرز تحدٍ قديم يهدد نزاهة العملية الديمقراطية: ظاهرة “صحافة المرقة”. هذا المصطلح، المتداول شعبيًا، يشير إلى المنابر الإعلامية التي تروج للفساد وتساهم في ترسيخه كثقافة مجتمعية، متخلية عن دورها كسلطة رابعة رقابية. بدلاً من تعزيز الشفافية والمساءلة، تتحول هذه المنابر إلى أدوات للابتزاز والتشهير، مع اقتراب الاستحقاقات، مستغلة السياق الانتخابي لخدمة أجندات سياسية ضيقة.

 

مظاهر الأزمة: من القرى إلى الفضاء الرقمي..

مع تصاعد الحملات الانتخابية، خاصة في المناطق القروية، تشهد الساحة الإعلامية انحرافات خطيرة. منابر إعلامية، تفتقر إلى أخلاقيات المهنة، تستغل صور الأطفال والمواطنين للترويج لمرشحين بعينهم، مانحة إياهم “حقوقًا” وهمية على حساب المصلحة العامة. هذه الممارسات لا تقوّض مبادئ الديمقراطية فحسب، بل تعمق انعدام الثقة بين المواطن والمؤسسات. في الوقت ذاته، تتعرض أطر التعليم والصحة لهجمات تشهيرية من نفس المنابر التي راكمت خبرة في الابتزاز، مما يزيد من تعقيد الوضع الاجتماعي.

 

دروس من الماضي: فوضى الانتخابات السابقة..و التشهير..

تاريخيًا، شهدت استحقاقات سابقة، كتلك في إقليم أسفي عام 2021، فوضى عارمة. في سبت جزولة، تصاعدت التوترات إلى حد تدخل مروحيات الدرك لفض نزاعات بين أنصار المرشحين، في مشهد كاد يتحول إلى صراع أهلي. كان لـ”صحافة المرقة” دورٌ بارز في تأجيج هذه الأزمة، حيث وثّقت و سجلت الخلافات ليس لفضح الفساد، بل لخدمة أطراف سياسية على حساب أخرى. هذه التجربة تُنذر بتكرار السيناريو ما لم تُتخذ إجراءات حاسمة.

 

حلول مجتمعية لإعلام مسؤول

لمواجهة هذه المعضلة، يمكننا الرهان على صحافة الحلول المجتمعية التي تعزز الشفافية وتدعم الديمقراطية.

إليكم بعض المقترحات إذا همكم الأمر:

تعزيز التشريعات الرقابية: وضع قوانين صارمة لمحاسبة المنابر الإعلامية المخالفة لأخلاقيات المهنة، مع ضمان استقلالية الهيئات المنظمة للصحافة.

دعم الإعلام المستقل: توفير تمويل مستدام للمنابر البناءة، خاصة في المناطق القروية، لمواجهة الإعلام المأجور.

توعية المواطنين: إطلاق حملات توعوية حول أهمية التحقق من المعلومات ورفض الخطابات التحريضية، مع التركيز على الفئات الأقل وصولاً للتعليم الإعلامي.

تكوين الصحفيين: تنظيم دورات تدريبية حول أخلاقيات الصحافة والتغطية الانتخابية المحايدة، بالتعاون مع منظمات دولية ومحلية.

تفعيل دور المجتمع المدني: تشجيع الجمعيات على مراقبة الحملات الانتخابية والإبلاغ عن التجاوزات الإعلامية.

 

نحو انتخابات نزيهة

إن استعادة ثقة المواطن في العملية الديمقراطية تتطلب إعلامًا يتحلى بالمسؤولية والاستقلالية. السلطات مدعوة للتدخل العاجل لوضع حد لفوضى “صحافة المرقة”، بينما يبقى دور المجتمع المدني والمواطنين حاسمًا في دعم صحافة بناءة تعكس تطلعات المغاربة نحو مستقبل أفضل. لنجعل من الاستحقاقات القادمة فرصة لتعزيز الديمقراطية، لا لتكرار أخطاء الماضي.

 

هل أنت مع إعلام يبني أم يهدم؟ شاركونا آراءكم لنصنع معًا حوارًا مجتمعيًا بنّاءً.

 

Share
  • Link copied
Comments ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (Number of characters left) .