الصحافة بالمغرب تحتضر بين ضياع الحقوق ومحاربتها من جهات مجهولة
في خضم التحولات غير المسبوقة التي يشهدها القطاع الإعلامي في المغرب، تواجه الصحافة تحديات تهدد وجودها وتُقيد حريتها. ما بين ضياع الحقوق الأساسية للمؤسسات الصحافية الصغيرة وتضييق الخناق عليها من جهات مجهولة، يبدو أن الصحافة في المغرب تعيش أزمة خانقة، قد تكون بداية لمرحلة جديدة من التبعية الإعلامية في غياب استراتيجية حقيقية لحمايتها.
شروط معقدة لتمويل الصحافة: هل هي بداية النهاية؟
تتوالى الأزمات المالية التي يواجهها الصحافيون المغاربة، وها هي الحكومة تضع أمامهم معوقات جديدة عبر القرار المشترك رقم 2345.24. فالشروط التي تم تحديدها للحصول على الدعم المالي تشكل قيدًا صارمًا على الصحافة الصغرى والمتوسطة، حيث يتطلب الأمر حد أدنى للإنفاق يتجاوز 900 ألف درهم ورقم معاملات يفوق 2 مليون درهم. هذه الشروط التي تبدو على الورق إجراءات ضرورية تتحول إلى عائق حقيقي أمام المؤسسات الصحافية التي تكافح من أجل البقاء.
هيمنة الشركات الكبرى: أفق مغلق للصحافة المستقلة
في الوقت الذي يتوقع فيه القطاع الإعلامي دعم عادل ومعقول يضمن استدامته، يجد الصحافيون أنفسهم أمام مشهد يعزز هيمنة الشركات الكبرى على الوسط. فقد تم تضمين شركات الطباعة والتوزيع في قائمة المستفيدين من الدعم، ما يعمق من حالة الاحتكار التي يعاني منها القطاع. ناهيك عن كون هذه السياسات تجعل المؤسسات الصحافية الكبرى تلتهم غالبية المخصصات المالية في حين تترك الصحافة المستقلة والصغرى تكافح للحصول على الفتات.
تقييد حرية التعبير: الصحافة تحت وطأة الرقابة
أبعد من الأبعاد الاقتصادية، يتجسد التهديد الأكبر في تراجع حرية التعبير. فإغلاق المساحات أمام الصحافة المستقلة يشكل خطوة خطيرة نحو تقويض القدرة على مساءلة السلطة وكشف الحقائق. بينما الحكومة لم تقتصر على تحديات التمويل، بل تمتد رقابتها لتشمل كل جوانب العمل الصحافي، مما يجعل من الصعب الحفاظ على استقلالية الصحافيين ومهنيتهم.
الصحافة على مفترق طرق: الإنقاذ أو الانهيار
في ظل هذه الأوضاع تتضح صورة مقلقة حول مستقبل الصحافة في المغرب. فهل سيستمر القطاع الإعلامي في التأرجح بين الانتهاكات المالية وتقييد الحريات؟ وما هي الخطوات التي يجب اتخاذها لاستعادة التوازن وضمان استدامة الصحافة الحرة والمستقلة؟
يتضح جليا أن التحدي اليوم لا يكمن في تقديم الدعم فقط، بل في إنشاء بيئة تشجع على تنوع الأصوات وتحفظ للصحافة استقلالها. وإلا فإن الصحافة المغربية قد تواجه مستقبلاً مظلمًا، حيث تصبح مجرد أداة في يد الأقلية المسيطرة. الأمر الذي يطرح إشكالات عميقة وهي كالاتي:
_ ماهي الغاية الأساسية من الشروط المجحفة للقرار المشترك؟ هل هو إقصاء مقصود للمقاولات الصغرى؟ أم دعم وضمان استمرار المقاولات الكبرى في الاستيلاء على المشهد الإعلامي؟
_ هل هذه الخطوة تمهيد لنهاية القوى الحية بالمغرب؟ أم سيتم تدارك الوضع؟
_ وما مصير الصحفيين المهنيين الذين غامروا بمستقبلهم من أجل صاحبة الجلالة و مستقبل الأجيال الصاعدة؟
Comments ( 0 )