الفساد: جذوره المجتمعية ودور المجتمع في مكافحته

الفساد: جذوره المجتمعية ودور المجتمع في مكافحته

 

 

أكد محمد بنعليلو، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن الفساد ليس مجرد ظاهرة قانونية أو إدارية يمكن معالجتها فقط من خلال الجهات الرسمية، بل هو نتاج تراكمات اجتماعية وتربوية عميقة تتغلغل في نسيج المجتمع المغربي. وأشار إلى أن جذور الفساد تعود إلى التنشئة الاجتماعية والتربية داخل الأسر، حيث تنمو القيم والسلوكيات التي قد تسهم في انتشار هذه الآفة. وفي هذا السياق، شدد بنعليلو على أن المجتمع نفسه هو من يملك القدرة الحقيقية على محاربة الفساد، وليس فقط الهيئات الرسمية مثل الهيئة الوطنية للنزاهة أو النيابة العامة.

 

وأوضح المسؤول الرقابي أن التغيير يبدأ عندما يصبح المجتمع رافضًا ومستهجنًا للأفعال الفاسدة، مما يخلق بيئة اجتماعية ترفض هذه الممارسات وتدينها.
كما لفت السيد بنعليلو إلى أن الفساد يشكل تهديدًا خطيرًا ليس فقط للحاضر، بل وللمستقبل أيضًا، حيث ينتهك حقوق الأجيال القادمة التي كفلها الدستور المغربي. وهنا تبرز أهمية الوعي المجتمعي بتبعات الفساد، لأنه يؤثر على العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، ويعيق تحقيق المساواة والرفاهية التي يطمح إليها المجتمع المغربي.

 

وفي سياق متصل، تحدث بنعليلو خلال أشغال لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، حيث دعا إلى ضرورة استمرار وتعزيز المجهودات التي بدأت سابقًا في مكافحة الفساد، مع التأكيد على أهمية الانتقال من النقاشات السطحية إلى نقاشات أعمق وأكثر شمولية. وانتقد الخطابات التي تثير الرأي العام بشكل خاطئ حول التشريعات، مشيرًا إلى أن النقاش يجب أن يكون ذا أبعاد متكاملة تهدف إلى صياغة قوانين فعّالة.

 

وأشار إلى مشروع قانون المسطرة الجنائية كمثال، موضحًا أنه ليس بالسوء الذي قد يتصوره البعض، ولكنه في الوقت ذاته ليس بالجودة المثالية التي يطمح إليها المجتمع، مما يستدعي المزيد من العمل والتحسين.
تسليط الضوء على دور المجتمع.

 

الصورة الأكبر
ابرز رئيس هيلة النزاهة دور المجتمع كعنصر أساسي في مكافحة الفساد، حيث لا يمكن للجهات الرسمية وحدها أن تقضي على هذه الظاهرة دون وجود وعي جماعي ورفض اجتماعي للسلوكيات الفاسدة. المجتمع المغربي، بمختلف مكوناته، مدعو لتحمل مسؤوليته في تغيير الثقافة السائدة، بدءًا من الأسرة التي تشكل النواة الأولى للتنشئة، وصولًا إلى المؤسسات التعليمية والاجتماعية التي يجب أن تعزز قيم النزاهة والشفافية. كما أن استهجان الأفعال الفاسدة اجتماعيًا يمكن أن يخلق ضغطًا أخلاقيًا يحد من انتشار هذه الممارسات، مما يجعل المجتمع شريكًا فعالًا في بناء مستقبل أكثر عدالة للأجيال القادمة.

 

Share
  • Link copied
Comments ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (Number of characters left) .