الفن لعلاج Parazite 

 الفن لعلاج Parazite

من المفترض قبل أي وقت سبق تشجيع الابتكار وتعزيز التكنولوجيا النظيفة وتحسين الإدارة الاقتصادية لتحقيق التنمية المستدامة. وفي هذا السياق، يتطلب الاقتصاد تحديث الرؤية تجاه الفن وتطوير نماذج جديدة تركز على الابداع نحو الاستدامة والعدالة الاجتماعية والبيئية لإيصال هذه الأفكار لجمهور اوسع.
يمكن للفن من منظور اقتصادي أن يساعد في تعزيز الاندماج الاجتماعي وتخفيف الفوارق الاجتماعية بطرق مختلفة على سبيل المثال:
تعزيز التواصل والتفاعل الاجتماعي: يمكن للفن أن يجعل الأفراد يشاركون في الإبداع والابتكار، مما يعزز التواصل والتفاعل الاجتماعي بينهم.
و هذا ما يدفع لتحسين الثقة بالنفس خاصة لدى الأجيال الصاعدة: يمكن للفن أن يساعد الأفراد على التعبير عن أنفسهم بطريقة إبداعية ومثيرة للاهتمام، مما يؤدي إلى تحسين الثقة بالنفس لديهم.
يمكن للفن أيضا تعزيز الانتماء الاجتماعي: يمكن للفن أن يجعل الأفراد يشعرون بالانتماء إلى مجموعات مختلفة، مما يعزز الاندماج الاجتماعي ويخفف من الفوارق الاجتماعية.
الادماج في الأدوار الاجتماعية: يمكن للفن أن يلعب دورًا في تعديل الأدوار الاجتماعية وتحقيق التغيير الاجتماعي، مثل الاهتمام بالقضايا الاجتماعية والتعبير عنها بطريقة فنية.
وبشكل عام، يمكن للفن أن يساعد في تحقيق التوازن الاجتماعي وتقليل الفوارق الاجتماعية عبر الإبداع والتعبير الفني.

هناك فلسفة شائعة منذ سنين تقول ان الفن تصوير لجمال شيء و ليس تصويرا لشيء جميل .
من هذا المنطلق يمكن للمنتجين و الداعمين للفن تعديل البوصلة نحو مناقشة الظواهر المجتمعية و العالمية التي أصبحت تواجه البشرية و تخلق تحديات تتجه بالعالم نحو الأزمات.

مثال التجربة الكورية :
استطاعت التجربة الكورية الحديثة في الإنتاج الدرامي و السينمائي المدعوم من سيول في غزو الأعمال الفنية الكورية للقنوات الفضائية ، وذلك عبر حبكة سيناريوهات الأعمال الموجهة للعالم من لعبة الحبار التي اثارت جدلا بمقاسها لليوتوبييا و اتساقها مع النفاق الاجتماعي عن المدينة الفاضلة و كيف اصبح للإنسان القدرة على فعل أي شيء مقابل المال. مرورا الى الفلم السينمائي الذي أثار حفيظة الرئيس دونالد ترامب فيلم البارازيت Parazite الذي تلقى بسببه نجوم هوليود التوبيخ من ترامب بعد حصده لأبرز جوائز الأوسكار

حقق الفيلم Parazite نجاحًا كبيرًا في جميع أنحاء العالم، وفاز بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي في عام 2019، وثلاث جوائز في حفل توزيع جوائز الأوسكار في عام 2020، وهي جائزة أفضل فيلم وأفضل إخراج وأفضل سيناريو أصلي، وهو الجائزة الأولى التي يفوز بها فيلم من خارج هوليود في تاريخ الأوسكار.

سيناريو هذه التحفة الكورية تدور حول عائلة فقيرة تعيش في منطقة فقيرة بمدينة سيول وتسعى جاهدة لتحسين أوضاعها المادية، وتنجح في تضليل عائلة ثرية والعمل لديها، ولكن تحدث أحداث غير متوقعة.
سيناريو فيلم “باراسايت” يعتبر فريدًا ومبتكرًا، ويعتمد على فكرة الطبقات الاجتماعية والفوارق الاقتصادية، وكيف تؤثر على الحياة اليومية للأفراد.
تدور أحداث الفيلم حول عائلة فقيرة تصطاد فرصة للعمل في منزل عائلة ثرية وتتورط في سلسلة من الأحداث الغير متوقعة. يتم تصوير الفيلم بطريقة تعرض الفروق الاجتماعية بشكل قوي و فاضح، فالعائلة الفقيرة تتعرض للظلم والاستغلال، ويظهر ذلك في المشاهد الدرامية المختلفة في الفيلم.

تمكن السيناريو من توصيل فكرة واضحة عن التمييز الاجتماعي والفوارق الاقتصادية، وكيف أنها يمكن أن تؤثر على العلاقات الإنسانية وتؤدي إلى العنف والتوتر بين الطبقات المختلفة في المجتمع. كما استخدم الفيلم الكوميديا بشكل ماهر لتخفيف حدة الدراما وإضفاء بعض السخرية على المواقف المختلفة التي يمر بها الشخصيات.

من منظور اوسع

و بشكل عام، استطاع الفيلم “باراسايت” توصيل رسالة قوية عن العدالة الاجتماعية وأهمية مكافحة الفوارق الاقتصادية، وذلك من خلال سرد قصة شيقة ومشوقة بأسلوب سينمائي متقن نسخ معه كل الأفكار المبتذلة التي تروج لها صناعة هوليود و الأعمال الفنية المدعومة من المنتجين و الحكومات ..