القنيطرة تحت رحمة المنعشين العقاريين: كابوس إتلاف الطرقات
باتت مدينة القنيطرة، ومنذ سنوات، قطبا جاذبا للراغبين في الاستقرار بها أو الباحثين عن فرص عمل بالمنطاق الصناعية التي تحتضنها، وفي مقدمتها المنطقتين الصناعيتين اولاد بورحمة وبير رامي؛ مما حفز العديد من أصحاب رؤوس الأموال على التحول إلى منعشين عقاريين يلهثون خلف جني أرباح طائلة من وراء إنشاء التجزئات العقارية والإقامات والمجموعات السكنية بالمدينة.
وقد شهدت الفترة الطويلة التي تولى خلالها عبد العزيز الرباح، القيادي السابق في حزب العدالة والتنمية، تناسلا وتوالدا ملحوظين للمنعشين العقاريين الذين حولوا مدينة القنيطرة، وفي ظرف وجيز وقياسي، إلى ورش كبير لبناء وتشييد الإقامات والتجزئات والمجموعات السكنية، في غياب سياسة عمرانية واضحة بعيدة المدى هدفها الحفاظ على جمالية المدينة وصون تراثها المادي الموروث عن الحقبة الاستعمارية.
ولعل المتجول بين شوراع وأزقة المدينة يضطر لأن يتوقف عند انتشار ظاهرة الشقوق العابرة للطرقات، والتي باتت كابوسا يؤرق بال سائقي المركبات الخاصة والعمومية، وبخاصة سيارت الأجرة الصغيرة والحافلات وسيارات الإدارات العمومية والخواص. حيث ظلت طرقات الشوراع والأزقة لسنوات عرضة لعمليات شق متواصلة من قبل المنعشين العقاريين بغية ربط البنايات المشيدة بالماء الصالح للشرب.
وتبقى مسؤولية عبد الرباح، الرئيس السابق للجماعة الترابية القنيطرة، قائمة حتى بعد مغادرته رئاسة المجلس في انتخابات الثامن من شتنبر من العام ألفين وواحد وعشرين، كون الهجمة الشرسة للمنعشين العقاريين على المدينة انطلقت في عهده وارتفعت حدتها، إلى أن بات القيادي السابق لحزب العدالة والتنمية موضع شبهة وإشاعات تقول بانتفاعه غير المباشر من مشاريع بناء الإقامات والتجزئات والمجموعات السكنية، مما دفع بالرأي العام المحلي بمدينة القنيطرة عام ألفين وثمانية عشر إلى طرح الأسئلة حول ملف حصول منعش عقاري واحد، معروف بقربه للرئيس السابق للجماعة، على تراخيص بناء في زمن قياسي لتشييد ما يزيد عن عشرين عمارة سكنية وسط المدينة وبأهم شوارعها؛ مما أثار جدلا واسعا بالقنيطرة في تلك الحقبة، خاصة وأن مصلحة التعمير بالجماعة الموكول لها تسليم رخص البناء كانت موضوع افتحاص وتدقيق من طرف المجلس الجهوي للحسابات لجهة الرباط – سلا – القنيطرة، مكن قضاة مجلس إدريس جطو من الوقوف عند خروقات في مجال التعمير، كانت قد دفعت بعبد العزيز الرباح، آنذاك، إلى استبعاد الرجل القوي الآمر الناهي بمصلحة التعمير التابعة للجماعة الترابية القنيطرة، عشية حلول قضاة المجلس الجهوي للحسابات بالجماعة.
لقد شهدت مدينة القنيطرة، ولاتزال، عمليات شق الطرق من طرف المنعشين العقاريين بترخيص من رئيس المجلس الجماعي، نتج عنها إتلاف غالبية الطرقات، حتى باتت صحة وسلامة مستعملي هذه الطرقات عرضة للخطر وصارت مركباتهم ضحية للحفر المنتشرة بشتى أرجاء المدينة.
وقد كان حريا برئيس المجلس الجماعي الحفاظ على الطرق العامة وصيانتها وحمايتها من التلف، عبر الامتناع عن تسليم رخص شق الطريق للمنعشين العقاريين، الذين يختبئون خلف هشاشة المساطر القانونية التي تلزم الشركة المفوض لها من طرف المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (قطاع الماء) بإرجاع الحالة. مع العلم أن عمليات إرجاع الحالة تتم، في أغلب الأحوال، بعيدا عن الإجراءات والتدابير القانونية المنصوص عليها. كما تكبد الجماعة خسائر فادحة، لن تعوضها مبالغ الرسوم المحصل عليها لهذا الغرض، ولن تكفي حتى لإنجاز طريق واحدة من الطرق التي تعرضت للإتلاف. الشيء الذي يلقي على مجلس الجماعة مسؤولية رصد اعتمادات مالية كبيرة في المستقبل، إذا ما توفرت لديه الإمكانات المالية اللازمة، وتولدت لديه نية إنقاذ ساكنة المدينة من كابوس الحفر والشقوق التي باتت قطعة سينوغرافية أساسية تؤثث مشهد تنقلاتهم الروتينية اليومية لقضاء حاجاتهم وأغراضهم المرتبطة بالعمل والتمدرس والعلاج والتسوق.
فهل تتوفر لدى المجلس الحالي للمدينة إرادة للقطع مع هذه الظاهرة الضارة بالمدينة وساكنتها؟؟؟ وهل يمتنع رئيس المجلس الجماعي للقنيطرة عن تسليم الرخص المعنية وفرض استخدام الآليات الخاصة بعملية الشق الواجب استعمالها أثناء عمليات الربط بالماء الصالح للشرب دون اللجوء إلى شق الطرقات؟؟؟ بل إن السؤال الإشكال الواجب طرحه بهذه المناسبة هو: هل لدى أناس البوعناني، رئيس المجلس الحالي سياسة عمرانية بديلة لتلك التي انتهجها عبد العزيز الرباح طوال سنوات ضدا على جمالية المدينة وعراقة إرثها العمراني؟؟؟
Comments ( 0 )