الكوكب واتحاد يعقوب المنصور: تألق مشترك يضيء القسم الأول
مراكش | في إنجاز تاريخي يُكتب بحروف من ذهب، تمكن نادي اتحاد يعقوب المنصور لكرة القدم من انتزاع بطاقة الصعود إلى القسم الأول من البطولة الاحترافية المغربية “إنوي”، بعد تعادله السلبي (0-0) أمام الكوكب المراكشي في الجولة الأخيرة من الدوري الاحترافي الدرجة الثانية، على أرضية ملعب سيدي يوسف بن علي بمراكش، يوم الأحد 18 ماي 2025.
هذا الصعود، الذي يُعد الأول في تاريخ النادي، ليس مجرد خطوة رياضية، بل قفزة نوعية لفريق واعد يحمل طموحات كبيرة ويستعد لترك بصمته في دوري الأضواء.
اتحاد يعقوب المنصور: من معقل الجيش إلى منصات التتويج
يقع نادي اتحاد يعقوب المنصور في قلب العاصمة الرباط، وتحديدًا في حي يعقوب المنصور، الذي يُعتبر معقلًا تقليديًا لمشجعي فريق الجيش الملكي، أحد أعرق الأندية المغربية. هذه العلاقة الوثيقة بين الحي ومشجعي الجيش لم تمنع النادي من بناء هويته الخاصة، حيث استطاع خلال سنوات قليلة أن يحفر اسمه بين الأندية الطامحة. تأسس النادي في سياق رياضي محلي، لكنه سرعان ما أثبت أن طموحه مشروع.
ما يميز اتحاد يعقوب المنصور هو الروح القتالية والإصرار على تحقيق الأهداف، مدعوما من جماهيريه، وهو ما تجلى في موسمه الأول بالقسم الثاني. الفريق، بقيادة المدرب المهدي جابري، قدم أداءً استثنائيًا، حيث جمع 51 نقطة ليحتل المركز الثاني في ترتيب القسم الثاني، متأخرًا بفارق نقطة واحدة فقط عن المتصدر الكوكب المراكشي. هذا الإنجاز ليس وليد الصدفة، بل نتيجة عمل دؤوب، تنظيم إداري متميز، ودعم جماهيري قوي من ساكنة الحي ومحبي النادي.
لا يمكن الحديث عن صعود اتحاد يعقوب المنصور دون الإشادة بالكوكب المراكشي، الذي كان بطلًا آخر في القسم الثاني هذا الموسم. الفريق المراكشي، عاد إلى القسم الأول بعد غياب استمر سبع سنوات، محققًا صدارة الترتيب برصيد 52 نقطة.
الكوكب، الذي تأسس عام 1947، يحمل تاريخًا حافلًا بالإنجازات، بما في ذلك تتويجه بكأس العرش ثلاث مرات متتالية في الستينيات، وهو إنجاز لا يزال محفورًا في ذاكرة عشاقه.
في مباراة الجولة الأخيرة، التي جمعت الكوكب باتحاد يعقوب المنصور، أظهر الفريقان روحًا رياضية عالية، حيث كانت التعادل كافية لضمان صعود الفريق الرباطي، بينما كان الكوكب قد حسم بطاقته في الجولة السابقة بعد تعادله مع مولودية وجدة. هذه المباراة، التي شهدت حضورًا جماهيريًا كبيرًا بملعب سيدي يوسف بن علي، كانت بمثابة احتفال مشترك بين الفريقين، اللذين يتقاسمان الطموح لإعادة مراكش والرباط إلى الواجهة في البطولة الاحترافية.
مع دخوله القسم الأول، يواجه اتحاد يعقوب المنصور تحديات كبيرة، لكنه يملك كل المقومات ليكون مفاجأة الموسم المقبل، يتمتع الفريق بتنظيم إداري قوي، وهو عنصر أساسي للنجاح في دوري تنافسي يضم أندية مثل الرجاء، الوداد، والجيش الملكي. يعتمد النادي على مزيج من اللاعبين الشباب الموهوبين وأصحاب الخبرة، مما يمنحه التوازن بين الحماس والاستقرار. الدعم الجماهيري المتوقع من ساكنة حي يعقوب المنصور، وارتباط النادي بمشجعي الجيش الملكي، سيمنحه دفعة معنوية كبيرة. هذا الدعم يمكن أن يتحول إلى قوة ضاغطة على المنافسين، خاصة في المباريات التي تُلعب على أرضه. الطموح الكبير الذي أظهره الفريق في القسم الثاني يشير إلى أنه لن يكتفي بالبقاء في القسم الأول، بل سيسعى لتحقيق مراكز متقدمة، وربما منافسة الأندية الكبرى في المستقبل القريب.
رغم هذا التفاؤل، فإن الانتقال إلى القسم الأول يتطلب استعدادات مكثفة. على النادي تعزيز صفوفه بلاعبين قادرين على تحمل ضغط المنافسة، وتطوير بنيته التحتية لتتماشى مع متطلبات الدوري الاحترافي. كما يجب على الإدارة وضع استراتيجية طويلة الأمد لضمان استمرارية النجاح، بعيدًا عن تجارب أندية صعدت ثم عادت إلى القسم الثاني بسرعة، كما حدث مع رجاء بني ملال في السنوات الماضية.
في المقابل، الكوكب المراكشي، بتاريخه العريق وجماهيره العريضة، يُنتظر منه أن يكون منافسًا قويًا في القسم الأول. الفريق، الذي يملك قاعدة جماهيرية شغوفة في مراكش، سيسعى لاستعادة أمجاده السابقة، مستفيدًا من خبرته في دوري الأضواء. المواجهات المرتقبة بين الكوكب واتحاد يعقوب المنصور في الموسم المقبل ستكون بمثابة قمة تجمع بين التاريخ والطموح، وستضيف نكهة خاصة للبطولة.
الصورة الأكبر:
صعود اتحاد يعقوب المنصور إلى القسم الأول ليس مجرد إنجاز رياضي، بل قصة نجاح تُجسد الطموح والإصرار. الفريق، الذي ينطلق من حي يعقوب المنصور، معقل مشجعي الجيش الملكي، يحمل على عاتقه آمال جماهير الرباط في إعادة العاصمة إلى خريطة الأندية الكبرى. ومع عودة الكوكب المراكشي إلى مكانته الطبيعية بين الكبار، يبدو الموسم المقبل واعدًا بمنافسة شرسة ومثيرة. اتحاد يعقوب المنصور ليس مجرد فريق صاعد، بل نجم واعد قد يغير موازين القوى في البطولة الاحترافية، إذا استثمر إمكانياته بحكمة وجرأة.
Comments ( 0 )