المبادرة التي أرادتها روسيا في BRICS
وفي وقت تتطور فيه الديناميكيات الجيوسياسية العالمية بسرعة، تبرز روسيا، العضو المؤثر في مجموعة البريكس، طموحها إلى إعادة تحديد قواعد اللعبة الدولية، ليس فقط في المجالات الاقتصادية بل وأيضاً في المجالات الزراعية والنفطية. في الآونة الأخيرة، كثفت روسيا جهودها في مجال إلغاء الدولرة من خلال التعامل مع المملكة العربية السعودية، العضو الجديد المحتمل في مجموعة البريكس، لاستخدام عملاتها الوطنية في التجارة، وهي استراتيجية تهدف إلى تقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي.
تشهد هذه الخطوة، التي تكتسب أهمية خاصة في سياق العقوبات الدولية وتقلبات سوق النفط، على إرادة روسيا لتنويع وتعزيز تحالفاتها الاقتصادية.
“ينضم القطاع الزراعي إلى الرقصة”
وفي هذا السياق، اتخذت روسيا إجراءات جريئة في قطاع الزراعة. في هذا العام، قامت البلاد بتصدير 62.5 مليون طن من الحبوب، مسجلة زيادة كبيرة مقارنة بالعام السابق. في الوقت نفسه، أظهرت روسيا تضامنًا مع الدول الأفريقية التي تعاني من نقص الأمن الغذائي، من خلال توفير القمح مجانًا لست دول في حاجة.
استنادًا إلى هذه الديناميات، قدمت روسيا مقترحًا لإنشاء سوق للحبوب تابعة لدول البريكس، في إطار رئاستها للمنظمة في عام 2024. الهدف هو إقامة بنية تحتية تجارية وميزان تسوية موحد لتبادل الحبوب بين الدول الأعضاء. تعتبر هذه المبادرة ذات أهمية خاصة نظرًا لأن دول البريكس تنتج أكثر من مليار طن من الحبوب سنويًا، مما يمثل حصة كبيرة من إنتاج واستهلاك العالم.
مبادرة روسيا لإنشاء سوق للحبوب تابعة لدول البريكس، إلى جانب جهود التخلص من الدولار، توضح الاستراتيجية متعددة الجوانب التي تنتهجها موسكو لتعزيز تأثيرها الاقتصادي والجيوسياسي في سياق عقوبات صارمة. من خلال اللعب دورًا رائدًا في قطاعات متنوعة مثل الزراعة والطاقة والتمويل، تضع روسيا نفسها على جبهات متعددة، سعيةً لتشكيل نظام عالمي جديد حيث ستلعب دول البريكس دورًا مركزيًا. يمكن أن تحول هذه التطورات ليس فقط سوق الحبوب العالمي، ولكنها قد تغير بشكل كبير التوازنات الجيوسياسية والاقتصادية على مستوى العالم.
Comments ( 0 )