المخدرات خطر محدق يفتك بالتلاميذ دون سن 15 في ظل صمت مقلق

المخدرات خطر محدق يفتك بالتلاميذ دون سن 15 في ظل صمت مقلق

 

 

 

إن موضوع المخدرات في المدارس ليس جديدًا، وقد قيل فيه الكثير وتطرقت إليه العديد من الأقلام الحرة، كما تناوله المختصون في المجال، والأطر الأكاديمية كذلك في مناسبات متعددة. إلا أن هذه الظاهرة ما تزال قائمة، بل أصبحت خطرًا حقيقيا يهدد التلاميذ داخل المدارس المغربية، إذ تتسع رقعته يومًا بعد يوم حتى بات يستهدف تلاميذ السلك الإعدادي في عمر الزهور بين 12 و15 سنة، وهو ما يدق ناقوس الخطر ويستوجب مواجهة هذه المعضلة بحزم وجدية. لكن السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح: ما سبب تفشي المخدرات في المدارس الإعدادية؟

 

صراحة، هناك أسباب كثيرة كلها تساهم في تسارع وتوسع هذه الظاهرة، خصوصًا في صفوف تلاميذ الإعدادي بعدما كانت في البداية محصورة في الجامعات، قبل أن تنتقل العدوى تدريجيًا وتفتك بتلاميذ السلك الثانوي وصولًا إلى الإعدادي.

 

وقد خلف هذا الشبح عددًا مهولًا من الضحايا، ونتائج وخيمة على المستوى الدراسي والسلوكي والنفسي، حيث أدى بالبعض إلى تعطيل مسارهم الدراسي، والدخول في دوامة الجريمة، بينما انزلق البعض الآخر في طريق الإدمان. وهناك من تدارك نفسه ودخل المصحات الخاصة للعلاج، محاولًا العودة إلى الحياة الطبيعية بأقل الخسائر الممكنة.

 

بالمقابل، فإن انعكاسات هذه الظاهرة على الأسر تتفاوت حسب حجم الضرر، إلا أن السبب الجذري غالبًا ما يعود إلى التقصير في التتبع، وسوء التسيير الأسري والمؤسساتي، وهو ما يقود في النهاية إلى نفس النتيجة الكارثية.

 

في هذا السياق، تتحمل الدولة جزءًا كبيرًا من المسؤولية في انتشار وترويج المخدرات داخل الوسط المدرسي، نتيجة غياب سلطة رقابية فعالة، وضعف في ضبط أخلاقيات المدرسة التي يجب ألا تقتصر فقط على الزي الموحد، بل تشمل كذلك تعميم المبادئ التربوية والحرص على إلزام أولياء الأمور بالانخراط الفعلي في الحياة المدرسية، مع وجوب امتثال التلاميذ للنظام الداخلي.

 

وينبغي كذلك ضبط السلوكيات داخل المؤسسات التعليمية، ومواكبة التلاميذ تربويًا ونفسيًا، بالإضافة إلى مراقبة أولياء الأمور لأبنائهم خارج أسوار المدرسة.

 

ومن جهة أخرى، فإن تنظيم حملات أمنية تمشيطية بمحيط المدارس بشكل دوري ومفاجئ، يعتبر أداة فعالة لمحاربة هذا الوباء والتصدي لشبكات الترويج التي تستغل الأطفال. حيث ان استمرار التهاون في معالجة هذه الظاهرة، يعني ببساطة فتح المجال أمام انتقالها إلى الصف الابتدائي الذي سيكون الضحية القادمة لا محالة.

 

وبالتالي، فالمسؤولية في هذه القضية ليست فردية، بل هي مسؤولية جماعية تتحملها الدولة، والمدرسة، والأسرة، والمجتمع المدني على حد سواء.

 

وسنتناول في سلسلة من المقالات التحقيقية المقبلة الإحصائيات المحدثة لحالات الإدمان وسط التلاميذ بالوسط المدرسي، ونفصل في ذلك بتحديد الأسباب والنتائج والآثار النفسية والاجتماعية، مع تقديم حلول عملية واقعية قابلة للتنفيذ.

ما هي الحلول البديلة لمواجهة ظاهرة المخدرات في المدارس؟

بعد تشخيص الأسباب وتفصيل أبعاد الظاهرة، يمكن اقتراح بعض الحلول الناجعة التي من شأنها المساهمة في الحد من انتشار المخدرات في المؤسسات التعليمية، خاصة في السلك الإعدادي وهي كالتالي:

_ تظافر الجهود بين الدولة والمدرسة والمجتمع المدني لمحاربة ظاهرة المخدرات بشكل منسق.

_ تخليق الحياة المدرسية عبر ترسيخ قيم الانضباط والاحترام، وتعزيز مبادئ النظام الداخلي الذي تضعه المؤسسة بشراكة مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة.

_ إحداث هيئة خاصة بتتبع ومراقبة سلوكيات التلاميذ داخل المدرسة بشكل دوري ومنهجي.

_ تكثيف الحملات التوعوية حول مخاطر المخدرات، وتأثيراتها على الصحة النفسية والجسدية والعقلية.

_ تنظيم دوريات أمنية تمشيطية بمحيط المؤسسات التعليمية، لضبط أي خلية مروجة للمخدرات وردع أي تسرب لهذه السموم إلى داخل المدارس.

_ سنّ قواعد تأديبية صارمة في حق من يضبط في حوزته أي نوع من المخدرات، خاصة السجائر الإلكترونية التي فرضت نفسها بقوة في صفوف التلاميذ وأصبحت بوابة سهلة نحو الإدمان.

 

إن التصدي لآفة المخدرات في الوسط المدرسي لم يعد خيارًا، بل ضرورة وطنية مستعجلة للحفاظ على سلامة التلاميذ وأمن المجتمع. فنحن اليوم أمام خطر حقيقي يهدد مستقبل جيل بأكمله، ويستوجب تدخلًا جماعيًا لا يقبل التهاون أو التأجيل.

فهل سيتم التصدي لهذه الآفة الخطيرة التي تهدد الأجيال الصاعدة؟ أم ستظل الشبح القاتل في صمت؟

 

Share
  • Link copied
Comments ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (Number of characters left) .