المغرب والإكتشافات المهمة للغاز الطبيعي
“الجزائر”، التي غالبًا ما يُثنى عليها بسبب وضعها كعملاق في مجال النفط، لا تمتلك الهيمنة على الثروة الطاقية في منطقتها. والحقيقة أنها، تحت ظل هذه الزعامة غير المتنازع عليها، بدأت دول أخرى، ذات طموحات أقل بهرجة، تثبت قدرتها، في أسوأ الأحوال، على تلبية احتياجاتها الداخلية من الطاقة بفعالية.
وتسلط هذه الديناميكية الإقليمية الضوء على التنوع والإمكانات غير المتوقعة للمغرب والذي بفضل مشاريعه الطموحة والإكتشافات المهمة في مجال الغاز الطبيعي، يستعد لتحقيق تحول طاقي كبير. وتكشف هذه الواقعية الإقليمية عن منظر أكثر تعقيدًا بكثير مما يمكن أن توحي به الهيمنة التقليدية للجزائر، مما يفتح الباب أمام آفاق جديدة للتنمية والاكتفاء الذاتي من الطاقة لبلدان المغرب العربي.
وفي ظل الوضع الراهن الذي تكمن فيه أمن الطاقة في قلب اهتمامات العالم يستعد المغرب، كلاعب أساسي في منطقة المغرب العربي، لتحقيق ثورة في قطاع الغاز الطبيعي، وتعد الاكتشافات الأخيرة والمشاريع التنموية الجارية بتغيير المشهد الطاقي المغربي. حيث تلعب الشركة البريطانية ‘Chariot Limited’ التي تعمل في حوض الغرب، دوراً رياديا في هذا التحول، خاصة مع حقول الغاز Anchois و Loukkos، مما يعلن عن مستقبل واعد للمملكة المغربية في استغلال الغاز الطبيعي.
يتميز المغرب بجهوده الرامية إلى ضمان الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة. وتشير تقديرات الخبراء إلى أن الإمكانات الإنتاجية للغاز الطبيعي في البلاد يمكن أن تلبي الطلب الوطني على مدى السنوات الخمس عشرة المقبلة. ومما يعزز هذا المنظور طموح شاريوت، الذي يراهن على الاستغلال الاستراتيجي للمواقع، خاصة بفضل جودة الغاز الاستثنائية في حقول Anchois و Loukkos.
تتمحور استراتيجية شاريوت حول خطة مرحلية ثلاثية الأطوار تهدف إلى تعظيم تأثير عملياتها. في المرحلة الأولى، وتركز الشركة على التسويق الإقليمي، وتخطط للتوزيع المباشر للغاز الطبيعي المضغوط إلى المراكز الصناعية الرئيسية في البلاد وتلي هذه المرحلة الأولية لمشروع بناء خط أنابيب جديد مخصص لدمج إنتاجها في الشبكة الوطنية، قبل الشروع على المدى الطويل، في تصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا عبر أنبوب غاز المغرب-أوروبا.
ولا يمكن التقليل من أهمية الشراكة بين Chariot و Vivo Energy Maroc المغرب في هذا السياق. ويهدف هذا التعاون إلى إرساء أسس متينة لسوق الغاز في المغرب، من خلال تسهيل عمليات شراء ونقل وتوزيع الغاز الطبيعي. كما تتم دراسة عقد بيع طويل الأمد، وبالتالي ضمان استدامة وموثوقية توريد الغاز. وتخطط شركة Chariot أيضًا لتوسيع محفظتها في مجال الاستغلال من خلال إطلاق موقعين جديدين للحفر في حقل Loukkos البري.
ومن الممكن أن تؤدي هاتان المبادرتان، اللتان تحملان اسم “غوفريت” و”دارتوا”، إلى زيادة احتياطيات المغرب من الغاز بشكل كبير، حيث تصل التقديرات إلى 46 مليار قدم مكعب. ومن شأن نجاح هذه المشاريع أن يؤكد وجود مكامن واعدة متعددة، وبالتالي تعزيز مكانة المغرب كقائد مستقبلي في مجال الغاز في المنطقة.
باختصار، إن المملكة المغربية على أعتاب فجر حقبة جديدة في مجال الطاقة. إن المشاريع الطموحة لشركة Chariot Limited، المدعومة بشراكات استراتيجية وإمكانات جيولوجية مثبتة، تضع البلاد كلاعب رائد في مجال الطاقة في منطقة المغرب العربي. ولا يمكن لهذا التطور أن يضمن الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة للمغرب فحسب. بل سيفتح أيضا الأبواب أمام السوق الدولية بحثًا عن تنويع مصادر الطاقة.
Comments ( 0 )