المغرب يشق طريقه نحو الريادة السياحية باستثمارات ضخمة تتجاوز 100 مليار دولار
يواصل المغرب تعزيز تموقعه للتحول إلى قوة إقليمية صاعدة في مجالي السياحة والبنية التحتية، عبر خطة استثمارية طموحة تتجاوز 100 مليار دولار وتمتد إلى غاية سنة 2030. لا تقتصر هذه الاستراتيجية على تحديث شبكات النقل والاتصالات، بل تؤسس أيضًا لتحول نوعي في موقع المملكة على خارطة السياحة العالمية، في وقت تتعثر فيه قوى إقليمية منافسة كتركيا ومصر.
استثمارات ضخمة تمكن المغرب من تصنيفه كقطب استراتيجي
تشمل الخطة المغربية مشاريع بنيوية كبرى من شأنها إحداث نقلة نوعية في البنية التحتية الوطنية بإنفاق:
• 96 مليار درهم لتوسيع شبكة السكك الحديدية، بما في ذلك خط فائق السرعة القنيطرة – مراكش – أكادير، مع تحديث المحطات واقتناء قطارات حديثة لربط 43 مدينة، و12 مطارًا، و12 ميناءً بحلول 2040.
• 15 مليار درهم لتوسعة مطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء، بهدف رفع طاقته إلى 35 مليون مسافر سنويًا بحلول 2029.
• إضافة 1000 كلم من الطرق السيارة، ليصل إجمالي الشبكة إلى 3000 كلم بحلول 2030. • تعميم تغطية الجيل الخامس (5G) في 40 مدينة مغربية بحلول 2028.
• تنفيذ مشاريع ضخمة لتحلية مياه البحر والطاقة المتجددة، لتعزيز الأمن الطاقي والمائي.
هذه الاستثمارات ليست مجرد تحسين للبنية التحتية، بل رهان على مستقبل اقتصادي واعد ومكانة دولية أكثر تأثيرًا ستضع المغرب في مصاف الدول المتقدمة لا محالة.
السياحة المغربية: تقدم بثبات نحو القمة
بدأت آثار هذه الاستثمارات تظهر بشكل جلي في القطاع السياحي، حيث استقبل المغرب ما يقارب 17.4 مليون سائح سنة 2024، مسجلًا بذلك نموًا يقدر بـ20% مقارنة بـ 2023. كما تستهدف الحكومة كذلك الوصول إلى 20 مليون سائح سنويًا بحلول عام 2030 من خلال تعزيز الربط الجوي وتوسيع العرض السياحي. فضلًا عن إطلاق رحلات جوية مباشرة مع روسيا وأوروبا، لتسهيل الوصول وجذب شرائح جديدة من السياح. ناهيك عن تنوع السياحة المغربية بين الشواطئ، الصحارى، الجبال، المدن العتيقة والطبيعة، و الاستقرار السياسي الذي عزز مكانة المغرب كوجهة مفضلة.
تراجع في الشرق: مصر وتركيا تفقدان مكانتهما السياحية
في مقابل هذا التقدم المغربي، تشهد دول سياحية تقليدية مثل مصر وتركيا انتكاسات ملحوظة وفيما يلي أبرز مظاهر هذا التراجع:
_ بالنسبة لمصر:
• عرفت تراجعًا ملحوظًا في الإقبال من طرف كل من أوروبا وروسيا. وذلك راجع إلى اعتماد شبه كامل على السياحة الأثرية دون تنويع، بالإضافة إلى الصورة الذهنية السلبية التي يرسمها الإعلام الغربي ما نتج عنه نفور السياح من التوجه إلى هذه البلدان بسبب التوترات التي تعرفها المنطقة. ارتباطا بذلك خلص تقرير بريطاني حديث إلى أن “مصر تفقد مكانتها لصالح المغرب”.
_ أما تركيا:
• شهدت هي الأخرى خسائر ضخمة بسبب التوترات الدبلوماسية، خاصة مع الهند، مما أدى إلى إلغاء أكثر من 200 ألف حجز سياحي. الأمر الذي انعكس سلبًا على ثقة السياح، وبالتالي أسفر عن تراجع في حجوزات السياحة الفاخرة، خصوصًا في إسطنبول وأنطاليا.
السوق الروسي … المغرب يكسب الرهان
سجل السوق الروسي تحولًا لافتًا اتجاه المغرب بعد تضاعف اهتمام السياح الروس بالمغرب خمس مرات في عام 2025. بالمقابل لم تحقق مصر سوى زيادة بنسبة 75%، وهي نسبة تعكس محدودية قدرتها على استقطاب شرائح جديدة من السياح. هنا يتضح جليًا أن الفارق يعود إلى سهولة التأشيرة، الرحلات المباشرة، والاستقرار الأمني الذي توفره المملكة المغربية للوافدين.
خارطة سياحية جديدة والمغرب في الصدارة
ما يحدث في المغرب بالآونة الأخيرة ليس مجرد نجاح ظرفي، بل تحول استراتيجي شامل يُعيد رسم خارطة السياحة الإقليمية والدولية، حيث يتجه الطلب العالمي نحو:
• وجهات مستقرة سياسيًا.
• بنية تحتية حديثة وفعالة.
• تنوع طبيعي وثقافي غني.
• سهولة الولوج وتعدد الخيارات.
في هذا الصدد، تمضي المملكة بثقة نحو تحقيق هدفها لتصبح قطبًا سياحيًا عالميًا ومركز جذب مستدام في المتوسط
وإفريقيا، بل وفي السوق الدولي بأكمله.
إذا، نحن الآن أمام مغرب جديد يتقدمه طموح جماعي وروح تضامن وعمل جاد، ما يرسم ملامح قوة اقتصادية وسياحية صاعدة تتجه بخطى ثابتة نحو الريادة…
كما تعكس هذه المشاريع والتحولات العميقة دخول المغرب لمرحلة جديدة يتصدر فيها خارطة السياحة العالمية، ويُرسخ من خلالها أسس النموذج التنموي الجديد على أرض الواقع. بذلك، يثبت موقعه كقوة إقليمية صاعدة عن جدارة واستحقاق.
Comments ( 0 )