سارة المريني
في ظل إنتشار المقاولات الناشئة في المغرب ، خصوصا في ظرفية تفشي جائحة كورونا.. حيث لعبت هذه الأخيرة دورا مهما لتحريك العجلة الاقتصادية ومقاومة ركودها، ارتأينا أن نجيبكم من خلال هاذا الحوار التالي عن بعض التساؤلات المهمة التي تخص هذا النوع من المقاولات ، مع أستاذ هندسة الإقتصاد والتدبير ، المتخصص في مواكبة المقاولات الناشئة الرقمية ، والمنسق الإقليمي لرابط الإقتصاديين الاستقلاليين بالناظور والباحث في سلك الدكتوراه “جمال مير “.
س ــ هل يوجد إقبال على المقاولات الناشئة؟
ج ــ الكثير من الشباب اليوم يبادرون لخلق مقاولات ناشئة وخوض غمار ريادة الأعمال، وهذا ما يُلاحظ من خلال إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط، حيث بلغت نسبة المقاولات الصغيرة 64 بالمئة في آواخر سنة 2019.
ولكن بالرغم من هذا الإرتفاع المسجل في عدد المقاولات الناشئة، إلا أن عدد ضئيل تمكن من شق طريق الصعوبات ليتكلل مجهوده في نهاية الأمر بالنجاح والإستمرارية ، فالغالبية الساحقة لا تزال تراوح مكانها غير قادرة على التوسع و الارتقاء.
س- ماهي العراقيل الذاتية والخارجية التي قد تواجهها المقاولات الناشئة ؟
ج- هذا الوضع غالبا يكون مرتبط بعوامل ذاتية تتعلق أساسا بالفكرة نفسها أو ضعف قدرات أصحابها على المجازفة وتجسيد أفكارهم على أرض الواقع ، ومنها أيضا ما يتعلق بعوامل خارجية والتي ترتبط عادة بإمكانية الولوج إلى التمويل وآليات المواكبة.
س – هل لهذا النوع من المقاولات خصائص معينة ، و إن كانت فماهي ؟
ج- المقاولات الناشئة هي مقاولات تتميز بالإبتكار لديها إمكانية كبيرة للنمو والتأثير، وهذا ما سجلناه في فترة انتشار جائحة كورونا، حيث نجحت مجموعة من المقاولات الناشئة على المستوى الدولي في توظيف أكثر من 300 دولار أي بزيادة % 6,7 مقارنة بسنة 2019، أكيد ونحن جد فخورين بتواجد مثل هذا النموذج المقاولاتي في بلادنا ، خاصة أن مجموعة من الجامعات والمعاهد المغربية انخرطت بدورها لتساهم بشكل فعال في تجاوز هذه الأزمة بمردودها الكبير .
س – بماذا تتميز المقاولات الناشئة ؟
ج ــ إذن، قلت بأن المقاولات الناشئة ميزتها هو أن لديها مشروع ابتكاري ابداعي جديد، أو تطوير ما أنتج من قبل بطريقة مبتكرة. وبالتالي صعب جدا أن تقنع المستهلك أو أن تجد له منتوجا يطلبه. ولذلك وجب أن يكون هناك نوع من التخصص بغية إيجاد طريق لوصول هذا المنتوج الابتكاري الجديد الى الزبون.
هذا الأمر أكيد يتطلب نوعا من المواكبة الإدارية، المواكبة المالية و المواكبة الميدانية في تسويق المنتوج، وهذا بالضبط ما تقوم به الحاضنات.
س – ما المقصود بالحاضنات التي أشرتم لها في آخر الحوار ؟
ج- بالنسبة للحاضنات أو ما يسمى بمراكز المواكبة والمرافقة يمكن أن نصنفها إلى حضانات عمومية، وحاضنات شبه عمومية ، ثم حاضنات خاصة.
تصبو مراكز المرافقة (الحاضنات) بجميع أصنافها لنفس الغاية وهي مواكبة المقاولات ودعمها إلى حين إيصالها لبر الأمان ، وبهذا تكون قادرة الاعتماد على مواردها وبالتالي الإستقلال بأدوات اشتغالها والخوض في السوق التنافسية .
وكإشارة مهمة لابد من الإشارة مرة أخرى للجامعات المغربية باعتبارها حاضنة عمومية تتوفر على مراكز الابتكار” ” cités d’innovationوهنا أود أن أشير إلى أولوية الإهتمام للمؤسسات التعليمية والمعاهد بأن تشتغل على تربية الجيل الجديد على الابتكار والفكر المقاولاتي لأن الوظيفة العمومية لايجب أن تكون الحل الوحيد لإمتصاص البطالة .
إذن، هذا الإهتمام لخلق المقاولات ومواكبة حاملي المشاريع المبتكرة التي تتمثل في عدة جهات (الجامعات، المعاهد، المركز الجهوي للإستثمار ، مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل ، صندوق الإيداع والتدبير … وغيرها) يمكن أن نعتبره ورشا مهما لخلق تنمية محلية وجهوية نموذجية.
وختاما أشار الأستاذ” جمال مير “أنه لضمان تنمية إقتصادية جهوية تستجيب لتطلعات وحاجيات الجهة ، الأمر رهين بضمان نجاح المقاولات وخاصة المقاولات الناشئة التي تمثل نسبة مهمة من النسيج الاقتصادي الوطني ،وما التوجيهات الملكية السامية إلا دليل على ذلك من خلال انطلاقة مجموعة من البرامج لدعمها ومواكبتها والمضي قدما نحو إقتصاد تنافسي عالمي يتماشى مع مناخ ريادة الأعمال ، والذي يمكن أن نعتبره من بين مخرجات الحلول في ظل المتغيرات والأزمة الحالية التي تعيشها بلادنا على أمل نهج سياسة لإقلاع إقتصادي جديد للحكومة المرتقبة.
Comments ( 0 )