هشام الحور
يجد عشاق الملحون في فنهم مادة غنية تتصل بكثير من المواصفات الاجتماعية التي عرفتها المدن المغربية العتيقة ،بعد أن تجاوب شاعر الملحون مع هذه البيئة قوتا و ضعفاً ،
و معلوم أن حياة الاديب في بيئة من البيئات تفرض أن يكون دائما متأثرا بكل ما يغشى مجتمعه.لأن الإنسان ابن مجتمعه ،يتَشكل به خُلقيا و اجتماعياً ،فلن يخلو الفن الذي ينتجه من طابع اجتماعي خالص يُميز به عصره و يتميز به ،و هو ما يجعل صفة الاتزان و والكاريزما متسقة مع شخصية فنّان هذا التراث المغربي على مر العصور.
كما غدت قصيدة الشاعر الشعبي وسيلة للتعبير عن حياته و قهره و سوء أحواله ،قالبا يفرغ من خلالها ما امتلأ به صدره من ألم وحزن و غيض و شكوى و برم من هذه الحياة.
و من المواصفات الإجتماعية التي لا تخطئها الأذن بهذا الفن نذكر القيم الخلقية-الحب،و يشمل حب الحبيب المصطفى ثم حب المرأة و التغزل بها ،و حب الوطن و الدفاع عن قضاياه ،التراسل بالشعر ،التشكي و الاستعطاف ،و الفكاهة حتى ..
فقيم المعرفة و الصدق و الوفاء و التواضع و الوطنية هي قيم هذا الفن ،و الوضع الصحيح ازاءها و إزاء بقية القيم ،الَّا تستخدم لغايات شخصية و أن يكون سعي الإنسان إليها سعياً مباشراً ينتهي عندهما ،و هذا ما نجح فيه رواد هذا الفن حتى يومنا هذا ،بعيدا عن الرداءة التي طالت بعض قوالب الفن الحديث.
و من هذا المنطلق ياخد شعر الملحون يُقدم في كثير من قصائده ،النصائح و التوجيهات ،حتى يبتعد الناس عن الرذيلة و التأفف .و يتجنبوا الوقوع في مخالب الدنيا و شهواتها.
و هكذا ما زالت قصائد الملحون في هذا الإتجاه ،خلاصة لكثير من القيم الخلقية و الاداب السلوكية.
فقد أشاع فن الملحون عبر تاريخه المحبة بين الناس ،و جعلها الأساس الذي يقوم عليه المجتمع .
و نادى كثير من شعراىه بالتمسك بالقيم الخلقية و غيرها من القيم الفاضلة في أقوالهم اذا نطقو و في حركاتهم إذا تحركوا و في جميع شؤونهم الفردية و الإجتماعية ،الدنيوية و الاخروية ،ليصبح بذلك منارة تضيء سبل المجتمع.
يقول الشاعر الاسفي الحاج الصديق : أن من صفا قلبه ،فذاك نهج طريق الحقيقة ،اماالخطأ عن غير طريق الهدى ،و الحسد ،فتلك طباعة جافية ،رحم اللّه شعراءنا الوطنيين الأحرار الشرفاء و اطال في عمر الرواد الاحياء بيننا، فشعر الملحون ما زال اكسير حياة الفن المغربي يعطي الحياة للكاءنات و يخنق طفيليات مستنقعات الرداءة.
Comments ( 0 )