النموذج التنموي الجديد في الصحراء: قصة نجاح بأرقام وصور لا تكذب 3/5

النموذج التنموي الجديد في الصحراء: قصة نجاح بأرقام وصور لا تكذب 3/5

 

 

 

عندما أعلن الملك محمد السادس نصره الله، سنة 2015، عن إطلاق “النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية”، اعتقد البعض أنها مجرد خطة طموحة على الورق. بعد عشر سنوات  (2015–2025)، تغير المشهد بالكامل، حيث تحول الجنوب المغربي إلى ورش مفتوح، بنيت فيه الموانئ العملاقة، تمددت الطرق السريعة، اشتغلت محطات الطاقة المتجددة، بالاضافة الى تدفق الاستثمارات الأجنبية بمليارات الدراهم.

 

هذا الواقع ليس مجرد خطاب سياسي أو حملات دعائية. بل برنامج استراتيجي موثق بالأرقام والتقارير والصور. يرد بلغة الإنجاز على كل المزايدات، ويجعل أي ادعاء حول “الاستغلال” أو “الاحتلال” أمر مثير للسخرية، خصوصا عند مقارنته بالوضع الكارثي في مخيمات تندوف، حيث يعتمد حوالي 170 ألف شخص على المساعدات الإنسانية فقط، دون أي أفق تنموي واضح.

 

من صحراء قاحلة إلى قطب اقتصادي صاعد (2015–2025)

 

انطلق المشروع باستثمار أولي بلغ 77 مليار درهم سنة 2015، لكنه تجاوز اليوم 100 مليار درهم بفضل الشراكات الدولية والتحولات الجيو–اقتصادية. وقد شهدت الصحراء تطورا سريعا بفضل الرؤية الملكية الاستراتيجية التي تهدف إلى جعل الأقاليم الجنوبية قطب اقتصادي صاعد جاذب لاستثمارات محلية ودولية.

 

1_ البنية التحتية الطرقية والموانئ

 

 

_ توسعت شبكة الطرق من أقل من 70 كلم سنة 2015 إلى أكثر من 4,000 كلم سنة 2025 وهي نقلة نوعية توضح التطور المتسارع في البنيات التحتية بالاقاليم الجنوبية.

 

_ الطريق السريع تزنيت–الداخلة اكتمل سنة 2023، مختصراً المسافة بين الشمال والجنوب إلى أقل من 10 ساعات على اعتباره نقطة تحول ملحوظ.

 

_ ميناء الداخلة الأطلسي أصبح أحد أكبر موانئ غرب إفريقيا، بطاقة 35 مليون طن سنوياً واستثمارات سعودية تناهز 1.3 مليار دولار سنة 2025 هي الأخرى إضافة إيجابية في مستوى التنمية بالصحراء.

 

2 _ الطاقة المتجددة والبيئة

 

 

شهدت الصحراء إطلاق مجموعة من المشاريع المرتبطة بالطاقة النظيفة ما عزز إشعاعها ونموها ومكنها من التألق واحتلال الصدارة عالميا، ابرزها:

 

_ مشاريع نور العيون ونور الداخلة التي رفعت حصة الطاقات المتجددة إلى 52% من احتياجات الجهتين.

 

_ أطلق المغرب في مارس 2025 مشاريع الهيدروجين الأخضر بقيمة 319 مليار درهم، ما جعل الصحراء تحتل مركز مرموق عالميا في الطاقة المستدامة.

 

_ محطات تحلية المياه والتي توفر اليوم 100% من مياه الشرب بالمدن و97% بالقرى (مقابل 70% فقط سنة 2015).

 

3_ الزراعة والاقتصاد الأزرق

شهدت الأقاليم الجنوبية تطورا كبيرا على مستوى الزراعة والصيد البحري مما أعطاها حضور قوي واقتصاد متنوع حيث عرفت:

 

_ 55 مشروع زراعي بقيمة 505 مليون دولار حولت آلاف الهكتارات إلى مناطق للانتاج المستدام.

_ بلغت عائدات الاقتصاد البحري مايقدر ب 12 مليار درهم سنة 2025، مع توسع مشاريع الاستزراع السمكي.

 

هذه البرامج التنموية جعلت من الأقاليم الجنوبية واجهة اقتصادية وطنية وعالمية كبرى أثبت مدى نجاعة النموذج التنموي في الصحراء والنتائج الإيجابية التي تحققت على أرض الواقع.

 

إشادة دولية متزايدة

 

بعد التطورات المتسارعة التي عرفتها الصحراء أصبحت الدول تثني على نجاح النموذج التنموي، حيث وصفت منظمة سويسرية غير حكومية في نونبر 2025، الأقاليم الجنوبية بأنها «نموذج للتنمية والاستقرار في المنطقة»، وهو تقييم يعكس التحول العميق الذي شهدته المنطقة خلال عقد واحد فقط.

 

أنبوب الغاز نيجيريا–المغرب… حلم يتحول إلى صفقة القرن

 

يمتد هذا الأنبوب على طول 5,660 كلم، بتكلفة 25 مليار دولار، وسعة 30 مليار متر مكعب سنويا.

 

ففي عام 2025 شهد تقدم نوعي من خلال:

 

_ اكتمال الدراسات في ماي 2025.

_ إنشاء الشركة المشرفة في شتنبر 2025.

_ بدء الأشغال من الجانب المغربي في يوليوز 2025.

_ تمويل إماراتي في ماي، ومفاوضات أمريكية في غشت 2025.

 

على اعتبار أن المشروع سيزود 13 دولة إفريقية بالغاز، ما يجعله أكبر مشروع طاقي في القارة قاطبة. وهذا نجاح باهر حققه المغرب في إطار التنمية الشاملة بالآونة الأخيرة ومازال يطمح لتنزيل عدة مشاريع استراتيجية تنموية كبرى تساهم في بناء مغرب صاعد موحد وقوي.

 

المبادرة الأطلسية… بوابة الساحل نحو المحيط

 

تمنح هذه المبادرة التي أطلقها المغرب في نونبر 2023، ل 23 دولة إفريقية حق الولوج إلى المحيط الأطلسي عبر موانئ الجنوب.

 

وبحلول 2025، أصبحت المبادرة منصة جيو–اقتصادية كبرى تربط الساحل بالمغرب، كما أكدت بعض التقارير الدولية أن المملكة أصبحت قوة استقرار في المنطقة.

 

وبفضل السياسات التنموية التي تروم تحقيق مشاريع كبرى تساهم في بناء جميع الأقاليم المغربية من طنجة إلى الكويرة في إطار قاطرة التنمية التي اتخذها المغرب للوصول إلى نتائج إيجابية ملموسة ومستدامة تجعل المغرب نجم يسطع في سماء الدول المتقدمة.

 

حقوق الإنسان… تقدم واضح مقابل عزلة في تندوف

 

رغم المشاهد الواضحة التي تبين مدى تطبيق حقوق الانسان بالاقاليم الجنوبية ومقارنتها بتندوف يتضح أنه لا يوجد مجال للمقارنة أساسا، الامر الذي أوضحته تقارير العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش لعام 2025 حيث أشارت إلى:

 

_ تحسن نسبي في الأقاليم الجنوبية.

_ استمرار بعض القيود على النشاط السياسي.

_ بالمقابل غياب شبه تام للرقابة في مخيمات تندوف، حيث يعيش 173,600 شخص في عزلة وسط غياب أي مشروع تنموي.

 

الفارق صارخ وواضح جليا في الجنوب، حيث تمنح التنمية الكرامة. بينما في تندوف يعمق الاعتماد على المساعدات  فجوة الهشاشة. مما يجعل المقارنة بينهما مستحيلة.

 

جدول الإنجازات (2015–2025)

 

يوضح الجدول أسفله حجم التحول التنموي الذي عرفته الأقاليم الجنوبية، باعتباره خريطة طريق دقيقة تُبرز كيف انتقلت الصحراء من مرحلة البنيات الأساسية المحدودة إلى مرحلة الاستثمارات الضخمة والمشاريع المهيكلة التي أعادت رسم ملامح الجهة. فقد تحولت الصحراء خلال عقد واحد فقط إلى قطب استراتيجي فعّال وجاذب، بفضل بنية تحتية متطورة، ونمو اقتصادي متسارع، ورؤية واضحة جعلت التنمية تنتقل من مجرد رؤية استراتيجية إلى واقع ملموس يعتمد على أرقام حقيقية.

هذه الأرقام تشكل دليل واضح على أن النموذج التنموي الجديد لم يكن مجرد شعار سياسي . بل مشروع ناجح غير مسار المنطقة وجعلها قطبا اقتصاديا جديدا على مستوى المغرب وإفريقيا والعالم بأسره.

 

اقتراحات لتعزيز المسار

 

نقدم في هذه النقطة بعض الاقتراحات التي قد تجعل البرنامج التنموي أكثر قوة وعمق مستقبلا حيث يمكن للمغرب:

 

_ إطلاق منتدى دولي سنوي في الداخلة للطاقة المتجددة.

_ تعزيز الحوار الجهوي عبر لجان مستقلة لتقييم المشاريع.

_ دعوة منظمات حقوقية لزيارات ميدانية منتظمة.

_ توسيع المبادرة الأطلسية بمشاريع مشتركة مع دول الساحل سنة 2026.

_ تطوير الأقاليم الجنوبية لتصبح وجهة سياحية عالمية تجذب السياح، مع الحفاظ على البيئة والتراث الثقافي و المحلي.

 

في الختام، إن المغرب اتخذ برامج تنموية كبرى تستند إلى رؤى استراتيجية ملكية استباقية، يجني ثمارها يوما بعد يوم. حيث أثبتت هذه السياسات قدرت المملكة على قلب الموازين وبناء مستقبل مشرق لبلد طموح، قوي ومتقدم يمتلك رؤية مستقبلية تهدف إلى تنمية القارة الإفريقية أيضا ضمن استراتيجية رابح–رابح، وجعلها وجهة اقتصادية قوية تنافس الدول الكبرى.

Share
  • Link copied
Comments ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (Number of characters left) .