بين المُرخص و العشوائي..قرارات السلطة في تحرير الملك البحري تثير التساؤلات بحاضرة المحيط
على ضوء تحرك الإدارة المركزية لتحرير الملك العمومي البحري، و بالنظر لكون الخطوة التي اتخذتها السلطات المحلية بمجموعة من الأقاليم الساحلية للمملكة خلال الأسبوع المنصرم، أثارت الكثير من التفاعل و الاحتقان من قبل الساكنة المحلية، بعد عدم استثناء الإدارة في سياق ورشها الكبير مجموعة من المشاريع السياحية على الشواطئ، ومنها شواطئ آسفي.
ولأن البنك الدولي حذر في وقت سابق في تقرير له من “تآكل السواحل في المغرب و شمال افريقيا عموما، ما يحتم حُسن إدارة السلطات لهذه المناطق الهشة لصالح الأجيال القادمة” و هذا ما يعزز موقف الإدارة في هذا السياق الذي اشتبك بمجموعة من الحالات الاجتماعية التي لم تبدي رضاها عن إجراءات الهدم التي لم يستسغها مجموعة من أصحاب الأكشاك و دور الضيافة. توجه فريق المنظور بريس نحو السواحل المعنية لربط الاتصال بأرباب هذه المحلات..
بين العشوائي و المُرخص:
اول ملاحظة يمكن تسجيلها و خاصة بالطريق الساحلي من رأس الافعى باتجاه شاطئ آسفي هو خطر تآكل الجرف الساحلي و خطر الانهيارات المطلة على ممر الراجلين المحادي للساحل -الذي كلف الدولة ميزانية مهمة- كما أن تسرب الوحل جراء ارتفاع منسوب عين لآلة ميرة بعد زلزال الحوز، زاد من تعقيد الوضع و خطر انزلاقات التربة و تآكل القنوات المخصصة لتسريب المياه نحو البحر، وذلك بعد غمرها بكميات مهمة من الوحل وصلت حدود الشاطئ، و غمرت القنوات المخصصة لهذا الغرض، حيث باتث تشكل عائقا أمام تسريب منسوب المياه المتدفقة نحو الأسفل، وضع قد يشكل خطر انزلاقات و تغيُر معالم التضاريس التي حاول مشروع تهيئة رأس الافعى تغييرها في وقت سابق، لكن الطبيعة في الغالب ما تكون لها الكلمة الأخيرة بعد التساقطات المطرية التي يمكن أن تسائل جودة التهيئة التي اختيرت لهذه المنطقة الهشة و المهددة بالانهيار في أي وقت. وضع سبقه قرار للمجلس البلدي بمنع عبور السيارات سرعان ما انقضى أجله أمام ضغط توافد زوار هذا المنتجع الذي يعد قبلة لزوار حاضرة المحيط.
استمرت جولة المنظور نحو الشاطئ حيث التقينا بعض محترفي الصيد بالقصبة أمام المياه المفتوحة التي زارتها (دلافين مارسوان) التي تتبع التيارات البحرية الدافئة المتدفقة من جنوب المحيط باتجاه شاطئ المدينة، بدى المنظر مهيبا أمام أنظار الصيادين الذين لم يعتادوا على رؤية هذه الدلافين اللطيفة و هي تلاحق أسراب السردين المحاصرة، حاولنا استفسار “سيدي أحمد الصياد” عن ظهور هذه الثدييات ،لم نلقى إجابة سوى جوابه بالحمد لله على نعمه الكثيرة التي حبا بها هذه البلاد السعيدة، راجيا من المسؤولين الحفاظ على هذا الفضاء الطبيعي الذي يقيهم شر السؤال و ضيق الحال.
لتستمر رحلتنا باتجاه الرمال الذهبية الشهيرة بحاضرة المحيط و التي بدت لنا للوهلة الأولى متسخة و فاقدة لخشونتها التي اشتهرت بها، بعد اختلاطها بالوحل المتدفق و غبار الأسمنت المتطاير من عمليات الهدم التي لم تستثني المراحيض و النادي الدولي للرياضات البحرية و بعض الأكشاك المثناترة على الممر الاسمنتي الذي يخترق شاطئ المدينة، و يفصله عن الغطاء النباتي الذي يشد دعامات سفح الجبل المطل على الساحل.
عمليات الهدم استثنت بعض المرافق:
شملت قرارات الهدم التي باشرتها الجرافات بتعليمات من والي جهة مراكش آسفي و عامل عمالة إقليم آسفي، شملت الاكشاك و النادي الدولي و المراحيض، على أن تستمر عملية التحرير إلى حدود ضمان تنمية شاملة لتشجيع الإستثمار باسفي، و القطع مع الاستغلال العشوائي و الرخص الإستثنائية التي كانت تسلم بالأسبقية، و التي لم يبقى منها سوى الركام أمام أنظار أصحاب هذه الاكشاك، لكن الملاحظ في عمليات الهدم هو بقاء بعض المرافق التي لم تهدمها جرافات السلطة، و خلال معاينتنا لاثار الهدم و اخد بعض الصور استوقفنا صاحب مقهى للاستفسار عن سبب التصوير قبل أن يعرف الصفة ،ليطلب منا الدخول للمقهى لتوضيح بعض الامور يقول “عبد الرحيم” و هو صاحب مشروع لم يطله الهدم : أكد لنا قانونية بقاء مشروعه على الرغم من الهجمة التي شنتها عليه الصحافة المحلية على حد قوله، ليؤكد لنا خلال حديثه المقتضب أن مشروعه يراعي المعايير المعتمدة لاستغلال الملك العمومي البحري، كما أنه يوافق كل الشروط المطلوبة للحفاظ على البيئة، و أنه مرخص من لدن مجموعة من مصالح تدبير المرافق العمومية فيما يخص الربط بشبكة الماء و الكهرباء و التطهير السائل، و أن الرخصة التي يؤدى عنها لبقاء مشروعه، لا تتوفر لدى باقي المشاريع التي طالها الهدم، مؤكدا لنا، تمكيننا من وثائق مشروعه في الاتصال القادم ،و أن لا داعي لضخ المزيد من الاحتقان عبر قنوات التواصل عن أحقيته في استغلال مشروعه للملك البحري، و أنه واعي كل الوعي بهشاشة البيئة المحيطة به و أنه يراعي التدابير الموصى بها في هذا الشأن للحفاظ على جمالية المكان و الحفاظ على البيئة.
الصورة الأكبر :
خلفت قرارات الهدم التي باشرتها السلطات المحلية انشقاق في الرأي العام بأسفي بين متضامن مع أصحاب الاكشاك و معارض لأحقية البعض الآخر في استمرار استغلاله للملك البحري، لكن المصلحة العامة و الحفاظ على البيئة الهشة التي تواجه تحديات اللايقين في المستقبل القريب و المتوسط تضع السلطة اليوم أمام إيجاد حلول بديلة لاستمرار مورد رزق مجموعة من أصحاب الاكشاك التي طالها الهدم .
Comments ( 0 )