تحقيقات: هشام جيراندو.. من “قناع الدفاع عن الحق” إلى أداة في يد الإرهاب و الخونة!

تحقيقات: هشام جيراندو.. من “قناع الدفاع عن الحق” إلى أداة في يد الإرهاب و الخونة!

 

 

 

في زمن تسيطر فيه المنصات الرقمية على تشكيل الرأي العام، برز المدعو هشام جيراندو كواحد من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في المشهد المغربي. من مقره في كندا، استغل اليوتيوب لسنوات ليروج لنفسه كمدافع عن المال العام وحامل لواء الحرية والعدالة، موجهاً انتقادات لاذعة ضد مؤسسات وشخصيات وطنية. لكن وراء هذه الصورة المصطنعة، كانت تختبئ حقيقة مظلمة كشفتها تطورات قضائية حديثة، أظهرت تورطه في أنشطة إرهابية وخدمة أجندات خارجية تهدف إلى زعزعة استقرار المغرب. التطورات تكشف كيف تحول جيراندو من “بطل” مزعوم إلى مدان في واحدة من أخطر القضايا التي هزت الرأي العام.

 

خطاب التضليل: بناء الصورة الزائفة

بدأت قصة جيراندو عبر اليوتيوب، حيث قدم نفسه كصوت الشعب المغربي، مدعياً أنه الوحيد القادر على مواجهة الفساد وكشف الحقائق. بأسلوب يعتمد على استثارة العواطف ودغدغة مشاعر الجمهور، نجح في استقطاب آلاف المتابعين، خاصة من لا يملكون أدوات التحليل لتمييز خطابه المغلف بالشعبوية. هاجم المؤسسات الوطنية والشخصيات العامة، مدعوماً –كما كشفت التحقيقات لاحقاً– من أطراف خائنة للوطن، تسعى لاستغلال الفضاء الرقمي لنشر الفوضى وزعزعة الاستقرار.

 

لم يكن هدفه سوى كسب المشاهدات والتأثير على الرأي العام، عبر خطابات تحمل في طياتها التحريض والتشويه. لكن هذه الحملات، التي بدت في البداية مجرد استفزازات إعلامية، سرعان ما كشفت عن أبعاد أكثر خطورة، عندما بدأ جيراندو في توجيه تهديدات مباشرة ضد أفراد ومؤسسات، وصولاً إلى الارتباط بمخططات إرهابية.

 

يقظة القضاء تكشف الحقيقة: حكم صارم

في لحظة حاسمة، أصدرت محكمة الاستئناف بالرباط، يوم 8 ماي 2025، حكماً غيابياً بسجن هشام جيراندو 15 عاماً نافذة، لإدانته بتهم خطيرة تتعلق بالإرهاب. وشملت التهم “تكوين اتفاق إرهابي لإعداد وارتكاب أفعال إرهابية ضمن مشروع جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف والتهديد والترهيب، والتحريض على ارتكاب أعمال إرهابية”. هذا الحكم جاء نتيجة تحقيقات دقيقة، كشفت عن تورط جيراندو في أنشطة تهدد الأمن الوطني، وتجاوزت حد الخطاب الإعلامي إلى التحريض الإرهابي.

 

انطلقت القضية في ماي 2023، عندما تقدم القاضي والوكيل العام السابق نجيم بنسامي بشكايتين ضد جيراندو. الأولى أمام القضاء المغربي، تتهمه بالتحريض وتهديده بالقتل ضمن مشروع إرهابي، فيما ركزت الثانية، المقدمة للقضاء الكندي، على المطالبة بجبر الضرر بسبب تهديداته بالقتل والإعدام خارج القانون، التي بثها عبر تسجيلات على مواقع التواصل الاجتماعي. قدم دفاع بنسامي أدلة قاطعة، تضمنت رسائل تهديد بالقتل والتصفية الجسدية تلقاها القاضي، بعضها حمل توقيع “تنظيمات إرهابية”، وتضمن عبارات مثل “يستحق أن يُدفن حياً” و”يُقطع رأسه وجميع أفراد أسرته”.

 

تحريض بطابع إرهابي

أثبتت التحقيقات وجود علاقة سببية مباشرة بين تحريضات جيراندو عبر فيديوهاته والتهديدات الإرهابية التي استهدفت بنسامي، خاصة أن هذه التهديدات جاءت في سياق زمني مترابط مع حملاته العلنية. ووفق مصادر مطلعة، فإن الرسائل التي وصلت إلى منزل بنسامي لم تكن مجرد تهديدات فردية، بل حملت طابعاً إرهابياً منظماً، استهدف القاضي بسبب دوره السابق في التحقيق في قضايا الإرهاب والتطرف.

 

اعتبرت مصادر قضائية أن تصرفات جيراندو تمثل تجسيداً لما يُعرف بـ”جهاد الكلمة واللسان”، وهي استراتيجية تتبناها تنظيمات إرهابية مثل “داعش” لنشر الخوف والترهيب عبر الفضاء الرقمي. من خلال منصاته، عمل جيراندو على تأليب أفراد وجهات ذات خلفيات متطرفة ضد بنسامي، مما أدى إلى تصعيد خطير تجاوز حدود الخطاب إلى التخطيط لأعمال إرهابية.

 

ردود الفعل: رسالة القضاء للخونة ولكل من سولتوله نفسه المساس بأمن الوطن

أثار الحكم تفاعلاً واسعاً في الأوساط المغربية، حيث رأى فيه الكثيرون رسالة واضحة من القضاء بأنه لن يتهاون مع من يحاولون استهداف مؤسسات الدولة أو أفرادها. ووصف البعض تصرفات جيراندو بأنها ترجمة فعلية للدعاية الجهادية، التي تسعى لتخويف المجتمع وتقويض استقراره. في الوقت نفسه، طالب دفاع بنسامي بتفعيل إجراءات حماية الضحايا والشهود، خاصة مع استمرار التهديدات ذات الطابع الإرهابي.

 

على المستوى الدولي، لا تزال الدعوى المقامة أمام القضاء الكندي قيد المتابعة. وبعد إلزام المحكمة الكندية لجيراندو بحذف محتوى مسيء في قضية سابقة، تتجه الأنظار نحو احتمال صدور حكم مماثل لصالح بنسامي، مما قد يحد من أنشطته الرقمية مستقبلاً.

 

سقوط الأقنعة: من هو جيراندو؟

ما بدأ كحملات إعلامية تحت شعار العدالة، تحول إلى فضيحة كبرى كشفت أن جيراندو لم يكن سوى أداة في يد خونة الوطن، يحيكون مخططاتهم من خارج الحدود لضرب استقرار المغرب. الحكم القضائي بحقه ليس نهاية القصة، بل بداية لكشف المزيد عن الشبكات التي دعمته والأجندات التي خدمها.

 

منظور أوسع

قضية جيراندو تظل شاهدة على خطورة استغلال الفضاء الرقمي لنشر الفتنة والترهيب. وبينما يواجه مصيره القضائي، يبقى السؤال: كم من “أبطال” مزيفين آخرين ينتظرون كشف أقنعتهم؟

 

 

Share
  • Link copied
Comments ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (Number of characters left) .