تطور منسوب ثقة المواطن تجاه الطبقة السياسية.

هشام الحو 

لا يخفى على أحد، أن المجتمع المغربي ظل يعاني من أزمة ثقة تجاه الكتل السياسية التي كانت تمثله منذ 2011، خاصة مع تخبط حكومة العدالة و التنمية في تشكيل حكومة متوافق عليها، ومتجانسة، إضافة إلى بروز الشعبوية في المشهد السياسي بالمغرب و محيطه الإقليمي، الذي عانى من خلخلة أنظمته إلى درجة سقوط بعضها.
لذا تبقى الأسئلة التي تتعلق بالثقة في الحكومات، والعمل السياسي عامةً، في غاية الأهمية والراهنية للشعب المغربي، لإعتبارات عدة، لعل أهمها الإنفتاح على المحيط، وكسب الثقة، وجلب الاستثمار، وهي الثقة التي يبرز أثرها، عندما ننظر من زاوية سوسيو-اقتصادية.
أما بخصوص تأرجح نسبة ثقة المواطن في الأحزاب السياسية، فتتأكد بالرجوع لنسبة التصويت خلال الانتخابات التشريعية 2007، التي لم تتجاوز %34 (أدنى نسبة في تاريخ المغرب ). فيما بلغت هذه النسبة %45 في 2011، و %43 في انتخابات 2016، الأخيرة التي عُرفت بسنة البلوكاج السياسي، والذي أعاد “بارومتر” منسوب الثقة لدى المواطن إلى نقطة الصفر.

  • تراجع نسبة ثقة المواطن تجاه السياسيين وفق تقارير رسمية .
  • أكثر من 6 آلاف مرشح للحصول على ثقة نحو 17 مليون ناخب.
  • انتخابات كانت تبدو دون رهانات.
  • ضعف الثقة كان منبثق عن ضعف العرض السياسي للحزب الحاكم و ترهله.
  • 8 سبتمبر ( قاسم انتخابي و نسبة تصويت مرتفعة ).
  •  فوز الليبراليين و معاقبة الشعبويين عبر صناديق الاقتراع، رسالة من الشعب لمن يهمهم الأمر داخليا و خارجيا.

كرونولوجيا الأحداث المؤثرة في منسوب الثقة لدى المواطن!

فيما تطلعت الأحزاب السياسية إلى استعادة ثقة المواطن، التي تزعزعت لديه في السنوات التي تلت البلوكاج السياسي. خرج تقرير ” اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد “، التي أحدثت بموجب قرار ملكي، خرجت بخلاصة في 27 ماي، كانت أبرز عناوينها؛ “شعور المواطن بعدم الثقة في السياسيين و الحكامة الغائبة عنهم” .
ولعلّ أبرز دليل على انعدام الثقة بالأحزاب، كان هو عملية الترحال السياسي، أي تغيير المرشحين لانتمائاتهم من حزب لآخر، بين استحقاقات انتخابية وأخرى، ولعبة التحالفات الهجينة. ينضاف إلى ذلك استعمال المال الانتخابي، وخيانة الأحزاب لوعودها في برامجها، إضافة إلى ازدواجية الخطاب ، مثل ما جاء على لسان العديد من المواطنين، وكذلك عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.
فيما قال مخْتصون أن ضُعف الخطاب والعرض السياسي سبّب فُقدان الثقة بين المواطن و السياسي ،ما سيجعل الانتخابات دون رهانات ديمقراطية.

ليحل يوم 26 غشت 2021، الذي سيشكل فرصة للإقناع مع بدء الحملة الانتخابية.

وأعلنت عندئذ وزارة الداخلية عن 1704 قائمة تتنافس في الانتخابات، تشمل في مجموعها 6815 ترشيحا، أي بمعدل 17 ترشيحا عن كل مقعد ، بلغ فيها مجموع ترشيحات النساء المسجلة لانتخاب أعضاء مجلس النواب 2329 ترشيحا، أي بنسبة % 34,17 من إجمالي الترشيحات .إضافة الى 157569 تصريحا بالترشيح لانتخاب أعضاء مجالس الجماعات. فيما بلغ عدد الهيئات 31 حزب، بما فيها تحالفات لأحزاب سياسية .
كما تم الإعلان عن اعتماد أكثر من 4500 ملاحظ، يمثلون 44 منظمة غير حكومية، لمراقبة الانتخابات بحسب المجلس الوطني لحقوق الإنسان .
و عرفت بداية الحملة فتورا على مستوى الحملات الدعائية للأحزاب في الأسبوع الأول، باستثناء بعض الرواج داخل منصات التواصل ، لتشتد المنافسة بعد ذلك، وسط إجرءات إحترازية مشددة ضد انتشار كوفيد-19 ، بين حزبي العدالة و التنمية الذي فقد ثقة المواطن خلال ولايته ، معززا ذلك بخروج زعيمه، ورئيس الحكومة في حملة غير مُوفقة، إنتهت بمنعه من قبل السلطات بعد خرقه للتّدابير الصحية التي وضعتها حكومته، إضافة إلى فيديو بن كيران الذي أطلق منه رصاصة الرحمة على الشعبوية.وبين التجمع الوطني للأحرار الذي كوّن انطباعا مسبقا لدى المواطن، بتبادل الثقة من خلال حملته 100 يوم 100 مدينة، والتي تركت انطباعا جيدا، ومعززا بالأرقام و الإنجازات التي حققها وزراؤه بالقطاعات الحيوية لٕاقتصاد البلاد. إضافة لأحزاب الأصالة و المعاصرة و الاستقلال (المعارضة) و الاتحاد الاشتراكي .

و بما أن العملية الانتخابية في الاصل، هي تنافس و عرض للآراء و البرامج للخروج من الأزمات، و اقتراح الحلول وِفق توجُهات إقتصادية و سياسية و إجتماعية مُعينة ،فيبقى الاختيار الأول والأخير للأحزاب، عبر صناديق الاقتراع، التي تعبر عن اختيارات المواطن .

نتائج اقتراع 8 سبتمبر عقاب للشعبوية و وضع الثقة بالليبراليين (التجمع الوطني للأحرار).

وصل صدى الثقة التي وضعها المغاربة بصناديق الإقتراع للقنوات الدولية، بعد أن وصلت نسبة المشاركة السياسية للأشخاص الذين يحق لهم التصويت، إلى نسبة فاقت الخمسين بالمئة، من أصل 17 مليون ناخب، الأمر الذي لقي إعجابا و ذهولا لدى المتتبعين للشؤون المغاربية والعربية، وزاد من جاذبية المغرب والمغاربة على الخصوص، بعد تخطيهم لأزمة الثقة التي كانت سائدة. وهذا ما أكده السيد عمر هلال ممثل المغرب الدائم لدى الأمم المتحدة، في كلمته أمام مجلس الأمن، معتبرا أن المغرب قطع أشواطا كبيرة في طريق الديمقراطية، ضاربا عصفورين بحجر واحد، إذ أشار السيد هلال في خطابه، لارتفاع منسوب الثقة لدى المواطن، خاصة بالاقاليم الجنوبية، التي عرفت نسبة إقبال مرتفعة، فاقت الستين بالمئة، ما يؤكد و يعزز مغربية الصحراء، وتعلق المغاربة بالوحدة الوطنية.وهو الأمر الذي سيكون له وقع إيجابي على جاذبية هذه الأقاليم من خلال جلب الإستثمارات، وزرع مناخ الثقة والرخاء.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)