تعويم الدرهم المغربي: التحديات والآفاق الإقتصادية
يسعى المغرب لتحقيق مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية من خلال قرار تعويم الدرهم كخطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز تنافسية الاقتصاد المغربي وضمان استقرار مالي مستدام رغم مرور عدة سنوات على بدء تطبيق هذه السياسة، يظل الجدل مستمرا حول حول مدى نجاحها والتحديات التي تواجهها ومدى تأثير ذلك مستقبلاً.
يقصد بتعويم الدرهم المغربي تحرير سعر صرف العملة جزئيا بحيث يتحدد بناء على قوى العرض والطلب في السوق مع احتفاظ البنك المركزي بحق التدخل عند الضرورة من أجل الحفاظ على الاستقرار النقدي. وتهدف هذه السياسة إلى تعزيز مرونة الاقتصاد وزيادة تنافسية على الساحة الدولية.
لعل أبرز التحديات الاقتصادية التي تأتي جراء تعويم الدرهم المغربي نجد مخاطر التضخم التي تؤثر على الواردات المكلفة من خلال ارتفاع تكلفة الواردات نتيجة انخفاض قيمة العملة المحلية الشيء الذي انعكس على اسعار السلع والخدمات وزيادة معدلات التضخم. ناهيك عن التأثير على القدرة الشرائية للمواطنين مما سيزيد من الأعباء الاقتصادية على أصحاب الدخل المحدود.
في هذا الصدد، فإن التقلبات في سعر الصرف يعتبر تحدي اقتصادي من نوع آخر جراء تعويم الدرهم مما سينعكس حتما على الاستقرار المالي من خلال جعل سعر صرف الدرهم أكثر عرضة للتقلبات في الأسواق العالمية، مما قد يؤدي إلى عدم الاستقرار المالي وبالتالي اضطراب الاقتصاد المحلي.أما فيما يخص التوقعات الاقتصادية يمكن أن تؤثر التقلبات المتكررة في يعر الصرف على توقعات المستثمرين والشركات الذي ينتج عنه تراجع الاستثمارات وتأخير المشاريع.
من جهة، فإن احتياطات النقد الأجنبي من بين التحديات الأخرى لتعويم الدرهم المغربي الذي يفضي إلى الضغط على الاحتياطات ويتطلب الحفاظ على استقرار سعر الصرف عن طريق وجود احتياطات كافية من النقد الأجنبي الذي يشكل تحدياً في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية وتراجع عائدات السياحة وتحويلات المغتربين.
ومن جهة أخرى، فإن تعويم الدرهم سيكون له تحديات اجتماعية من خلال ضرورة القبول الشعبي عن طريق التوعية والتثقيف الذي من شأنه أن يساهم في تقليل المخاوف والقلق من تأثيرات التعويم.
في هذا الإطار فإن تعويم الدرهم المغربي يصاحبه تحديات سياسية من خلال التعاون الحكومي لضمان تنفيذ السياسات المصاحبة بشكل فعال.
علاوة على ذلك، فإن هذا التعويم له آفاق مستقبلية كتعزيز التنافسية من خلال جذب الفرص الاستثمارية الأجنبية بشكل مباشر. كما يمكن أن يساعد ذلك في تنويع الاقتصاد عن طريق تنويع مصادر الدخل الوطني من أجل القدرة على التكيف مع التغيرات العالمية ويقلل من الاعتماد على القطاعات التقليدية مثل الزراعة والسياحة.
في سياق متصل، فإن المغرب بدأ يسمح بمرونة أكبر لسعر الصرف منذ حصوله على غلاف مالي يقدر ب 3 مليار دولار من صندوق النقد الدولي سنة 2014.
فيما توقع البنك المركزي أن ينخفض التضخم من 6.1% سنة 2023 إلى 2.2% سنة 2024. قبل أن ينكمش إلى 4% مشيراً إلى خفض الدعم وزيادة إيرادات الضرائب.
ويبقى قرار تعويم الدرهم المغربي خطوة جريئة يمكن أن تعزز استقرار وتنافسية الاقتصاد الوطني رغم التحديات الكبيرة التي يمكن مواجهتها مستقبلاً. كما يمكن أن تفشل هذه الخطوة وتنعكس سلبًا على المجتمع.
Comments ( 0 )