دنيا الحجاجي
مع انتشار فيروس كورونا في العالم بأسره، و تركيز كل الهيئات الطبية والصحية لمحاربته، يعاني مرضى السرطان حول العالم عموماً، وفي المغرب خصوصاً، معاناة مزدوجة أولها المرض الخبيث ومحاربته، وثانيها الجائحة التي أرهقت كاهل الأطر الصحية، وأعاقت وصول المرضى إلى الخدمات الصحية اللازمة.
مرضى السرطان: أي مصير في زمن كورونا ؟!
أكدت منظمة الصحة العالمية في فبراير 2021 على لسان الدكتور “أندريه إلباوي” من قسم الأمراض غير المعدية، على أن أزمة فيروس كورونا، كان لها تأثير عميق على رعاية مرضى السرطان، حيث “تعطلت خدمات السرطان جزئيا أو كليا بسبب الجائحة لدى خمسين في المائة من الحكومات التي توفر هذه الخدمات”.
كما أضاف أنه “شاع التأخير في التشخيص، و زادت الانقطاعات عن العلاج أو التخلي عنه بشكل كبير”، كما رجح أندريه على أن من المحتمل أن يكون للجائحة تأثير في العدد الإجمالي لوفيات السرطان.
كما نتج الضغط لتوفير الخدمات الصحية لهذه الفئة الهشة، عن ظروف ساهمت في معاناة قاسية لمرضى السرطان.
و في هذا الصدد، صرح الدكتور إلباوي: “عام 2020، بلغ عدد الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بالسرطان على مستوى العالم 19.3 مليون شخص، مع زيادة عدد الوفيات إلى 10 ملايين وفاة”.
وبحسب الوكالة الأممية المعنية بالصحة، كان هناك 2.3 مليون حالة سرطان ثدي جديدة عام 2020، تمثل ما يقرب من 12 في المائة من جميع حالات السرطان. كما أنه السبب الرئيسي للوفاة من السرطان بين النساء في جميع أنحاء العالم.
و أشار الدكتور إلباوي إلى أنه “لأول مرة، يشكل سرطان الثدي الآن أكثر أنواع السرطانات شيوعا على مستوى العالم، يليه سرطان الرئة، والذي كان تاريخياً السبب الرئيسي في معظم حالات السرطان، وسرطان القولون في المرتبة الثالثة”.
قصص وشهادات…
أكدت زينب إبنة أحد المرضى و التي ترافقه في كل مراحل علاجه، و هي طالبة دكتوراه في تخصص علم النفس، على المعاناة التي يقاسيها والدها جراء مرض السرطان، و الذي سمته بمرض الموت”، نظرا للخوف الدائم الذي يعانيه المرضى من” شبح الموت” و أضافت زينب بأن القلق الدائم الذي يلازم المريض ينهك مناعتيه النفسية و الجسدية. مشيرة إلى أن المعاناة تهم كل الجوانب الإجتماعية و المادية والنفسية والفيزيولوجية، حيث يعاني المرضى من صعوبة في مختلف المساطير الإدارية بالمستشفى التي تنهكهم قبل الإستفادة من العلاج بمختلف أنواعه. و يبقى الجانب النفسي، حسب المتحدثة، مغيباََ، حيث لا وجود لمواكبة نفسية، بل هو آخر شيء يمكن الإهتمام به. كما أشارت إلى أنهم يعانون دائما فيما يخص مواعيد حصص العلاج، أضف إلى ذلك، التأجيل المستمر نظرا لغياب الأدوية اللازمة، و هذا ما كان يؤدي بأبيها المريض إلى رفض العلاج مراراََ.
معاناة كانت بالنسبة لها ولوالدها مضاعفة، خاصة بعد أن عاشا تجربة قاسية مع أختها التي كانت مصابة بسرطان الرئة، والتي صارحها الطبيب على أنها لن تعيش أكثر من أربعة أشهر، تجربة كانت قاسية ماديا ونفسيا و اجتماعيا، في ظل غياب دور صندوق الضمان الاجتماعي، حسب المتحدثة، الذي من المفروض أن يتكفل ببعض مصاريف العلاج، مشيرة إلى اتباعها للمسطرة القانونية، بتقديمها لشكاية للوكالة الوطنية، للتأمين الصحي، والتي لم تتلقى إجابة لها بعد بعد عامين و ثمانية أشهر من وفاة أختها.
مهنيو الصحة ومعاناة مرضى السرطان !
صرح محسين و هو ممرض يعمل بمستشفى الأنكولوجيا التابع للمركز الإستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس ، أن الممرضين و بسبب قربهم الدائم لهؤلاء المرضى، يعيشون معاناة وصفها ب”المزمنة”.
مشيرا إلى طول العلاج الذي يجعل المريض و الممرض رفقاء رحلة لا أحد يعلم وجهتها، فمنهم من يتعافى، ومنهم من يتمكن الداء منهم.لافتا إلى وجود عدة عوامل تتداخل في عملية العلاج و الذي يحتاج لنفس طويل و صبر جميل.
الجمعيات و المجتمع المدني؟ أي دور في ال من هذه المعاناة؟
جمعية جنات لإيواء مريضات السرطان بالمجان، نموذج حي للدور الذي تلعبه هذه الفئة في إعانة هؤلاء المرضى، حيت صرح كاتبها العام عبد الله ساسيوي للمنظور بريس، بأن جمعيتهم تقدم خدمات عديدة لهذه الفئة، والتي تتمثل في الإيواء و التغذية و التنقل، مشيرا إلى أن الطاقة الإستعابية لمقر الجمعية يبلغ هي 30 نساء، بالإضافة ل 12 رجل تمت إضافتهم مؤخرا.
و أضاف ساسيوي أن مركز الإيواء يوفرا جوا من التكافل و التضامن بين المرضى، مما يشكل دعما نفسياً مهما لهذه الفئة، كما أن الجمعية تحصل على دعم بفضل المحسنين و عن طريق شراكات مع جمعيات أخرى أو مؤسسات أو صيدليات لتوفير الدواء و العلاج اللازمين للمرضى.
كما أشار السيد ساسيوي أنه مع ظروف الوباء تم إيقاف الإيواء إلى أجل غير محدد،أما بالنسبة للخدمات الأخرى، يضيف ساسيوي، أنها قائمة، و ذلك للوعي التام بالتكاليف و الصعوبات التي يعانيها مرضى السرطان.
الدعم النفسي لمرضى السرطان؟
هي معاناة مجتمع بكل مكوناته، من أجل محاربة داء يحاول الخبراء و الأخصائيون البحث في أغواره.
و كان المرحوم الأستاذ بنحدو، وهو قيدوم التحليل النفسي بالمغرب، قد قال أن الطبيب هو الذي يعالج المرض و المريض، والطبيب هو من يعالج بابتسامته.
كما تحدثت الأخصائية النفسية سعيدة بنكيران عن تجربة والدها مع المرض، واصفة أثر الابتسامة وروحه الإيجابية على بقاءه متشبتا بالأمل، حيت قالت : ” (….) في تلك الغرفة بإحدى مصحات فاس نقلق أحيانا و نخاف كثيرا من فقدانه و في نفس تلك الغرفة نضحك كثيرا، بمجرد ما كان يشعر بتحسن قليل بعد أخذه للأدوية المسكنة، نستمع الى حكاياته التي مر عليها أربعون سنة أو خمسون أو أكثر و نفرح بمزاحه و حكيه …في تلك الغرفة اقتسمنا معه معاناته و في نفس تلك الغرفة استمعنا معه الى أغاني عبد الوهاب و نجاة الصغيرة(…..) كانت قهقهات الضحك تنبعث من أفواهنا و قلوبنا عند الانصات له و كان ينمو في قلبه و قلوبنا كل يوم أمل بالشفاء”.
من زرع الأمل حصد الفرح!
فرحة كبيرة لأسرة صغيرة مكونة من زوج و طفلان، بعد إعلان شفاء الأم من سرطان الثدي. عانقت الأم الحياة مجددا و عانقت أبناءها و هي تصرخ فرحا معلنة ميلادها مجدداً.
فاطمة الزهراء التي أكدت لنا عبر تصريح لها، على دور الأسرة في الشفاء، بالإضافة إلى رغبتها المستمرة في عدم ترك صغارها و زوجها، التي كانت أقوى من المرض.

Comments ( 0 )