لم تكمل تونس فرحتها بباقة الياسمين التي أرسلها أبطالها من بلاد السّاموراي حتى عاد الوضع السياسي و الأمني بالبلاد إلى الاضطراب بعد إعلان الرئيس قيس السعيد عن حالة الاستثناء ،و توليه السلطة التنفيذية مع إعفاء رئيس الحكومة و تجميد عمل مجلس الشعب إضافة إلى ترأس النيابة العامة و إحالة كل من ورد إسمه في قضية ما للسلطة العليا ؛سلطة القانون.
لينفذ بذلك الرئيس و هو أستاذ بالقانون الدستوري وعيده للفاعلين السياسيين بالبلاد ،التي يقودها ثلاثة رؤساء بمرجعيات مختلفة و بسلط متداخلة غير واضحة ،في ظل ظروف اجتماعية و اقتصادية صعبة على التونسيين اللذين تعاقبت عليهم 14 حكومة منذ اندلاع الثورة -رقم قياسي لعشر سنوات- دون جني الحراك الذي قادته بشوارع البلاد ضد دكتاتورية بن علي.
و جاء هذا القرار الدستوري للرئيس عقب موجة الغضب التي ضربت عدداً من المدن ضد تدبير حركة النهضة ،التي تقود الحكومة و تترأس البرلمان ، و سبق هذا القرار إقالة وزير الصحة الذي أخرج التونسيين للتلقيح يوم عيد الأضحى المبارك ،الأمر الذي أدى إلى اضطراب أمني و فوضى دون سابق إشعار .
في حين تتسارع الأحداث بتونس الخضراء .؛تتباعد الآراء و تصطدم المواقف بين مؤيد و معارض لقرارات الرئيس ،إذ دعى رئيس البرلمان راشد الغنوشي التونسيين للشوارع في حين اختار هو الاعتصام داخل سيارته مع إخوانه أمام البرلمان ،الذي طوّقته قوات الأمن و الجيش لمنع النواب من الولوج ،لتعتبر حركة النهضة الأمر انقلابا عن الشرعية، و تتبعها كتلة ائتلاف الكرامة بالتصريح أنها قرارات باطلة ،لتعاود فيما بعد حركة النهضة دعوة أتباعها إلى الانسحاب.
و بالمقابل نزل الرئيس بعد فجر الاثنين إلى حشد من الناس في الشارع بوسط العاصمة ليشاركهم الاحتفال الذي أظهرته شاشات التلفزيون الحكومي.
وقد أيّد قادة حركة الشعب (القومية) قرارات الرئيس المنتخب قيس السعيد و دعوه إلى المحافظة على المكاسب التي تحققت في مجال الحريات العامة و الخاصة ،و البناء الديمقراطي الذي راهنت لوبيات الفساد على الإنحراف به في اتجاه ديمقراطية شكلية بلا مضمون اجتماعي ،كما اعتبرت حركة الشعب القرارات على أنها “لم تخرج عن الدستور” ،فيما أكد زهير حمدي الأمين العام لحزب التيار الشعبي لإذاعة البحر الأبيض المتوسط الدولية في تصريح له : أن الدستور يُخوِّل للرئيس صلاحية اتخاد هذه القرارات.
مؤكداً كلام الرئيس قيس سعيد الذي قال إن قراراته هذه تأتي تنزيلا للدستور الذي يقسم السلطات بين رئيس الدولة و رئيس البرلمان مبرزاً “أن أفعاله تتماشى مع الدستور” و أن الدستور يسمح له بقراراته إذا كان هناك “خطر وشيك” محذراً التونسيين من الانصياع لدعاة الفتنة ، مضيفاً أن هذه القرارات تدعو لإعادة السلم الاجتماعي و إنقاذ البلاد.
كما قال أحمد ونييس الوزير الأسبق للخارجية التونسية أن قرارات الرئيس التونسي قرارات ضرورية للمرحلة الراهنة مؤكدا على ضرورة استكمال القرارات في المرحلة الثانية.
وقد غطت أحداث تونس بداية هذا الأسبوع على اهتمامات قادة الدول الكبرى و الصحف الدولية , فيما من المنتظر وصول وزير الخارجية والتعاون الدولي المغربي ناصر بوريطة إلى تونس عشية الأربعاء للقاء الرئيس في زيارة رسمية.
تونس بانتظار الياسمين

Comments ( 0 )