حركات صباحية..روتيني اليومي و أشياء أخرى…
قد يدفعك هذا المقال إلى إعادة التفكير في أشياء كثيرة.
فقبل أن تمارس روتينًا صباحيا قويًا، اكيد انك لا تزال تقوم بإنجاز بعض الأمور و العادات المهمة في يومك.
لم نتحقق بعد من سبب الاستيقاظ مبكرًا. هل يكون من أجل ممارسة الرياضة، أو قراءة المزيد، أو القيام بمهام صيانة أخرى، أم أنه لتوفير المزيد من الوقت للعمل على مشاريع شخصية؟
المؤثرون على الهواتف الذكية يجعلونها تبدو جمالية. استيقظت مبكرًا، وأعدت القهوة، وقمت بتمرين بطن كامل، ولا يزال لدي الوقت لإعداد وجبة فطور جميلة.
إنهم لا يذكرون أي شيء عن إنجاز الأمور فعليًا، لأن هذا هو عملهم – تسجيل روتين الصباح الجمالي. في الواقع، لقد أنجزوا الكثير منه حتى الان، وقاعدة البيانات الضخمة لديهم ستدخل عمّا قريب صندوق دردشة الذكاء الإصطناعي.
حتى و إن لم يكن الأمر يحدث فرقًا كبيرًا معهم إلا أنّنا عموما نحتفظ بذلك الشعور بالرضا والإستعداد لبدء اليوم. ففي الأيام العادية، عموما، نحن مجبرين على بدأ اليوم مُرغمين لا مَغرومين بما نقوم به.
الروتين الصباحي، هو انتصار على مستوى السياق ضد الأشياء المجبرين على فعلها. فهو نوع من العلاج النفسي، و قد يتجاوز تلك الحلول، حتى لا يصبح علاجا نفسيا فقط.
من مِنا لم يُجرّب الهوس بفكرة قضاء صباح مثالي لفترة طويلة. حتى أنني كتبت عن هذا الأمر لبعض الوقت، في محاولة لإعادة تبَنّيه، بعد أن أضعته بسبب غياب من كان يُحفزني و يُقنعني بأن على هذه الارض ما يستحق الاستيقاظ باكراً.
كنت حينها أتابع روتين صباحي قائم على تحقيق و ترتيب مجموعة من العادات التي أدركت بعدها أنها تطورت لتصبح مهارات، ساعدتني على تخطي مجموعة من الصعاب التي تواجه البعض بارتفاع ضغط الدم، أدركت حينها أن النّشاط بمنتهى أعصاب أصابِع الأيدي و الأرجل له ارتباط وطيد بالنشاط الصباحي الذي يعيد إتزان العقل إلى التفكير بعقلانية ببقية اليوم و بعض المفاهيم الرائجة .
ولكنني لم أتبع روتينًا صباحيًا مطلقًا منذ مدة، دفعني هذا الوضع في الحقيقة الى أن أبتعد عن الكثير من الأشياء التي كنت استمتع و اكتسب المهارات من خلالها.
كانت ملاحظة مفيدة، أدركت أنها في الواقع تُجدد الحافز لإعادة المحبة و التأمل في الأشياء الصغيرة التي لم أكن أنتبه لها خلال مروري صباحا؛ شراء الخبز الساخن عند تلك المرأة المرابطة بزاوية الحي لإلقاء تحية الصباح.. “ربي يعاونك اولدي” “الله يفتح عليك”، مع بعض الفضول العفوي”فاش خدام ؟؟” كنت أبدو لها أصغر من عمري ، أنا (ولد باب الله). أصبح هذا الجواب يُعجبها لدرجة أن تلك المرأة أصبحت مُعجبة بتكرار سؤالها مع تحية الصباح. كانت الإجابة تُرضي فضولها او ربما تُعزز فكرتها المُرابطة للعيش الكريم بزاوية الشارع، حقيقة أصبحت تلاحقني (بريكولور) بمعنى أقوى مما تتحمله الكلمة في المخيال الشعبي، لأن العقلانية التي اكتسبتها مع روتين الصباحيات جعلت انخراطي في المجتمع تفوق الصورة التي يرسمها هذا الأخير حول إنسان عاطل، لم أشعر حينها بالتغيير، لأن بعض الأفكار تحتاج وقت أطول لإدراكها بعد قطع مسافات طويلة لتقليل الفزع من فكرة انك (عاطل) أو (مُعطل). مع مرور الوقت أصبحت مدركاً أن الأمر مرتبط بالتمثلات، أدركت حينها أنني مدفوع إلى حدود أن ارى عقلانية في اللاعقلانية، مدفوع إلى أن أرفض وظيفة.. دفع البعض من مُدخرات أسرته للالتحاق بعقلانية التمثلات الإجتماعية الصاعدة حينها représentations sociales . مدفوعا لعدم تبني فكرة أن إبن تلك المرأة هو من يجب أن يُرابط بزاوية الشارع لبيع الخبز الساخن صباحاً عِوض أمّه، مدفوعا لعدم الإنتباه للأخبار الساخنة و الحوادث التي اقترفها شبان الحي بعد ليلة صاخبة، حتى صورة المستقبل بدت أكثر انتظاما في اللّامنتظم الذي اكسبني لفترة مفاهيم خاطئة لبعض الممارسات المتصاعدة مع ضهور جيل الألفية. من ناحية أخرى ابتعدت عن الأشياء التي لا يمكن مبدئيا أن تُعَقلن، أي أن تُربَط في علاقات دالية رياضية كما يقول الفيلسوف. حينها أصبحت مدركا أن غروب شمس اليوم يُعتبر وقتا فارقا، يدفعك للابتسام مع أشعة الشمس المنهارة على سطح المحيط، حتى يأتي أحدهم ليذكرك بأنه لم يعد يستمتع بعد التحاقه بالوظيفة المعلومة، استطعت مع ذلك، وبالرغم مما لا توفره الأجواء بهذه المدينة، أن ابتدع عقلانية مُنتصرة، خلقت في بعض الأحيان لحضات من العبقرية، و تُنافس المفاهيم الوضيعة و المهزومة عند من لم يجربوا روتين الصباح و رائحة الخبز الساخن.
منظور أوسع
حتى و إن لم يكن روتين الصباح يُحدث فرقًا كبيرًا إلا أننا عموما نحتفظ بذلك الشعور بالرضا والاستعداد لبدء اليوم. ففي أيام العادية، عموما نحن مجبرين على بدأ اليوم بالرغم من ذلك.
ملاحظة : لا تحدث الفرق بالتفكير، بل حاول أن تستيقظ يوم العطلة كأنه يوم عمل، و حاول ممارسة روتين صباحي لتكتشف حدود امكانياتك خارج بيئة العمل أو التفكير خارج صندوق العاطلين عن الحياة.
Comments ( 0 )