حظر مزارع الهواتف الذكية : ضربة للتأثير المزيف والدعاية السياسية المشبوهة
في خطوة غير مسبوقة، فرضت المملكة المتحدة حظرًا على “مزارع الهواتف الذكية” أو “مزارع بطاقات SIM” ضمن مشروع قانون الجريمة والشرطة لعام 2025، بهدف مكافحة الاستخدامات غير القانونية لهذه الأجهزة. يركز هذا الحظر على دورها في تعزيز التأثير الرقمي المزيف، بيع الإعجابات لصفحات المؤثرين، التلاعب بالانتخابات، والدعاية المغلوطة لصفحات ذات أنشطة مشبوهة، في ظل تصاعد الجرائم الإلكترونية التي تشكل أكثر من 40% من الجرائم في إنجلترا وويلز.
ماذا مع نعرف عن “مزارع الهواتف الذكية” ؟
مزارع الهواتف الذكية هي أجهزة تقنية تستوعب عشرات أو مئات بطاقات SIM، مما يتيح إرسال آلاف الرسائل النصية أو إجراء مكالمات جماعية بسهولة. بينما تُستخدم أحيانًا بشكل شرعي في الشركات، أصبحت هذه الأجهزة أداة مفضلة لتضخيم التأثير الرقمي بشكل مصطنع. يستخدمها المحتالون لإنشاء حسابات وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي، مدعومة بأرقام هواتف “مُتحققة”، لشراء إعجابات، تعليقات، ومتابعين لصفحات المؤثرين أو العلامات التجارية المشبوهة. هذا التضخيم المزيف يمنح الصفحات مظهرًا زائفًا للشعبية، مما يعزز مصداقيتها المغلوطة.
دورها في الانتخابات والدعاية المشبوهة تعتبر أخطر استخداماتها، لانها تعمل على التلاعب بالرأي العام خلال الحملات الانتخابية. إذ يمكن لهذه الأجهزة إنشاء آلاف الحسابات الوهمية التي تنشر دعاية سياسية مضللة، تعليقات مؤيدة، أو حتى هجمات ضد مرشحين معينين. في الانتخابات البريطانية الأخيرة، لوحظ استخدام حسابات مزيفة لنشر معلومات مغلوطة، مما أثار مخاوف من تأثيرها على نزاهة العملية الديمقراطية. كما تُستخدم هذه المزارع للترويج لصفحات تدعم أنشطة مشبوهة، مثل المنظمات المتطرفة أو العمليات التجارية غير القانونية، عبر خلق وهم التأييد الشعبي.
و لاستعادة الأمان الرقمي أُعلن الحظر رسميًا في أبريل 2025، بعد استشارات بدأت في مايو 2023، بهدف تقييد هذه الأجهزة دون المساس بالاستخدامات الشرعية. وفقًا لوزير مكافحة الاحتيال، اللورد هانسن، يستهدف الحظر “آلات التأثير المزيف” التي تهدد الأمن الرقمي والديمقراطية. سيدخل هذا القانون حيز التنفيذ بعد ستة أشهر من الموافقة الملكية، مع عقوبات تشمل غرامات غير محدودة في إنجلترا وويلز، وغرامات تصل إلى 5000 جنيه إسترليني في اسكتلندا وأيرلندا الشمالية.
يتوقع أن يحد الحظر من قدرة المجرمين على التلاعب بالمنصات الرقمية، مما يقلل من انتشار الإعجابات المزيفة والدعاية المغلوطة. شركات الاتصالات، مثل Vodafone UK، التي حظرت 73.5 مليون رسالة احتيالية في 2024، أيدت الحظر كخطوة لتعزيز الثقة الرقمية. لكن التحديات تظل قائمة، حيث قد يلجأ المحتالون إلى تقنيات مثل eSIM أو استيراد الأجهزة من الخارج. كما أعربت بعض الشركات عن قلقها من تأثير الحظر على عملياتها الشرعية، رغم تأكيد الحكومة على استثناء الاستخدامات القانونية.
حماية الديمقراطية والفضاء الرقمي في المستقبل !
يمثل هذا الحظر جزءًا من استراتيجية بريطانية أوسع لمكافحة الجريمة الإلكترونية وحماية نزاهة الفضاء الرقمي. مع تزايد تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الانتخابات والرأي العام، قد يلهم هذا الإجراء دولًا أخرى لاتخاذ خطوات مماثلة.
لكن يبقى السؤال:
هل سينجح الحظر في كبح جماح التأثير المزيف والدعاية المشبوهة؟
الإجابة تعتمد على التنفيذ الصارم والتعاون الدولي.
Comments ( 0 )