خارطة الطريق 2022-2026 في عرض أمام المجلس الحكومي: نحو مدرسة عمومية ذات جودة للجميع في المغرب
في عرضه أمام المجلس الحكومي، تناول معالي الوزير السيد سعد برادة، وفق ما أورده بلاغ وزاري، أبرز الأوراش الإصلاحية المفتوحة في إطار تنفيذ خارطة الطريق 2022-2026، التي تهدف إلى بناء مدرسة عمومية ذات جودة عالية تتيح التعليم للجميع. يأتي هذا التوجه كترجمة عملية لمقتضيات القانون الإطار 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، مما يعكس التزام الوزارة بتحقيق رؤية شاملة لتطوير التعليم في المغرب.
التعليم الأولي: خطوة نحو التعميم الكلي
استهل الوزير عرضه بالحديث عن التعليم الأولي، الذي شهد تقدماً ملحوظاً بتجاوز نسبة تعميمه 80%، مع طموح واضح للوصول إلى التعميم الكلي بحلول سنة 2028. يعود هذا الإنجاز إلى اعتماد نموذج تدبيري مبتكر وفعّال، إلى جانب توفير عرض تربوي ذي جودة عالية. يبرز هذا التقدم أهمية التعليم الأولي كأساس لبناء منظومة تعليمية متينة، تسهم في تهيئة الأطفال لمراحل الدراسة اللاحقة.
مشروع “مؤسسات الريادة”: نقلة نوعية في النموذج البيداغوجي
أشار الوزير إلى التنزيل التدريجي لنموذج بيداغوجي جديد من خلال مشروع “مؤسسات الريادة”، الذي يشمل السلكين الابتدائي والإعدادي. يهدف هذا المشروع إلى تعزيز جودة التعليم عبر إرساء مؤسسات نموذجية في جميع أنحاء المملكة، سواء في المناطق الحضرية أو شبه الحضرية أو القروية. ولفت برادة إلى أن عدد هذه المؤسسات بلغ، خلال الموسم الدراسي الحالي، 2626 مدرسة ابتدائية و232 ثانوية إعدادية، مما يعكس الجهود المبذولة لتوسيع نطاق هذا المشروع وضمان شموليته.
التوجيه المدرسي ودعم الفئات المهمشة
تطرق العرض أيضاً إلى جوانب أخرى ذات أهمية كبرى، مثل التوجيه المدرسي والمهني، الذي يساعد التلاميذ على اختيار مساراتهم التعليمية والمهنية بناءً على قدراتهم واهتماماتهم. كما أشار الوزير إلى دور “مدارس الفرصة الثانية” والمدارس الجماعاتية في الحد من الهدر المدرسي، خاصة في المناطق النائية، إلى جانب مراكز التفتح التي تعمل على تعزيز مهارات التلاميذ الحياتية وتفتحهم الثقافي والاجتماعي. تؤكد هذه المبادرات على حرص الوزارة على ضمان تكافؤ الفرص ودعم الفئات الأكثر هشاشة.
تحسين أوضاع موظفي القطاع
لم يغفل الوزير في عرضه الإشارة إلى الإنجازات المحققة لفائدة موظفي التربية الوطنية، حيث تم اعتماد النظام الأساسي الجديد الخاص بهم، والذي جاء مصحوباً بتحسينات غير مسبوقة في الوضعيات الإدارية والمالية. يهدف هذا الإجراء إلى تعزيز جاذبية مهن التعليم والتكوين، مما يعكس الوعي بأهمية الموارد البشرية كركيزة أساسية لنجاح أي إصلاح تربوي.
تعزيز الحكامة والاستقلالية التدبيرية
أكد السيد برادة على الأهمية البالغة التي توليها الوزارة لتحسين الحكامة داخل المؤسسات التعليمية، من خلال تفعيل “مشروع المؤسسة المندمج” الذي يمنح هذه المؤسسات استقلالية تدبيرية ومالية أكبر. كما شدد على ترسيخ مبدأ التعاقد المبني على نجاعة الأداء، وهو ما يساهم في رفع مستوى الكفاءة والمسؤولية على مختلف المستويات الإدارية والتدبيرية.
الشراكات: رافعة لتجويد العرض التربوي
أبرز الوزير دور الشراكات التي تجمع الوزارة بمختلف الفاعلين المؤسساتيين وجمعيات المجتمع المدني، والتي تساهم في تحسين جودة العرض التربوي وتشجيع التميز. تُعد هذه التعاونات رافعة أساسية لتعبئة الموارد وتوحيد الجهود من أجل تحقيق الأهداف المسطرة في خارطة الطريق.
مشروع القانون 59.21: دعم قانوني للإصلاح
اختتم الوزير عرضه بالحديث عن التقدم المحرز في إعداد مشروع القانون 59.21 المتعلق بالتعليم المدرسي، مشيراً إلى أن اعتماده سيشكل دفعة قوية لتسريع تنزيل الأوراش الإصلاحية. يمثل هذا المشروع إطاراً قانونياً مهماً لضمان استدامة الإصلاحات وتعزيز تماسك المنظومة التربوية.
خاتمة
من خلال هذا العرض، يتضح أن الوزارة تسعى إلى تحقيق نقلة نوعية في منظومة التربية والتكوين بالمغرب، عبر استراتيجية متعددة الأبعاد ترتكز على تحسين الجودة، تعزيز الشمولية، ودعم الحكامة والشراكات. وتبرز خارطة الطريق 2022-2026 كأداة مركزية لتحقيق هذه الرؤية، مع التأكيد على أهمية التعاون بين مختلف المتدخلين لضمان نجاح هذا الإصلاح الطموح.
Comments ( 0 )