صباح الخير …الْفريدة !

صباح الخير …الْفريدة !

 

 

 

في مشهد يبدو وكأنه مستوحى من أحد عروض الكوميديا السوداء، عممت البلدية بيانا لإعلام عموم المواطنين أن اجتماع أعضاء المجلس البلدي المهجور لمدينة النسيان سيكون مقرراً في جلسة فريدة يوم الاثنين المقبل، وذلك بعد مشاورات كثيرة خلف ابواب العمالة و البلدية حيث حُرق الكثير من البنزين بعد جولات ماراثونية لسيارات الجماعة السوداء. غير أن الغريب في الأمر هو أن هذه الجلسة ستكون مخصصة لمناقشة الميزانية السنوية 2024 بعد رفض سلطة الوصاية لمقترح ميزانية 2025 و تذكيرهم بأن السنة الحالية تنتظر الإقرار: “لقد سبق لمصالحي أن طلبت منكم دعوة المجلس إلى إعادة التداول بشأن هذه الميزانية، إلا أنه إلى غاية اليوم لم يعقد مجلسكم جلسته للبث في الأمر “هذا قبل أقل من شهرين على انتهاء السنة المالية!

 

يبدو أن الأعضاء قرروا أخيرا أن “اليوم هو يوم السعادة”، وأن مناقشة الميزانية في اللحظات الأخيرة يمكن أن تكون أكثر إثارة!

 

التحضيرات المتسرعة

 

من المنتظر أن يتوافد المستشارون اللوردات إلى قاعة الاجتماعات، وكل منهم يحمل أوراقاً مليئة بالأرقام التي لم يُعطَ لها النظر منذ بداية السنة بسبب الأخطاء الإملائية. و سيحضر معهم “أبو الحِلمان”، وبيده دفتر مليئ بالرسومات التوضيحية والمخططات، ليقول بفخر: “هذه هي خطتي للميزانية، شفتوها؟” ليصفق الحضور خلفه بحرارة أمام الضرب على الطاولات والكراسي بالجهة المعاكسة حيث يترنح آخرون عند تلقي الإشارة، بينما البعض يحاولون التركيز على الأرقام الحقيقية التي لن يفهمها أي منهم.

 

وفي زاوية القاعة، حيث سيكون “سعادة ابو المِعمار” يتحدث عن أهمية توفير ميزانية للفعاليات الثقافية، بينما كان الجميع يتذكر أنه لم يحدث شيء من هذا القبيل في السنوات السابقة. “لكننا نحتاج إلى ميزانية لمهرجان الشَّركة (سردين مشرمل)!” ليهتف أحد الأعضاء من جديد، ليكون رد البقية “أتذكرون كم كانت الأجواء رائعة في العام الماضي عندما ألقينا (الشَّركة) على بعضنا البعض؟”.

 

الفوضى والارتباك ..

 

مع مرور الوقت، الذي سيكون على البث المباشر لقناة شوفوني سيبدأ الارتباك ليَظهر على وجوه الأعضاء. قبل أن تنقسم الجلسة إلى فِرق عفوية، حيث يبدأ كل عضو يناقش ميزانيته الشخصية بعيداً عن الموضوع الرئيس. بينما تستمر محاولات “أبو السباع” لشرح أهمية تنمية البنية التحتية، ليصبح الجميع بعدها يتحدث في نفس الوقت، مما يولّد جواً من الفوضى يجعل المحضرين يتسائلون إذا كانوا في جلسة بلدية أم في مهرجان خطابي.

 

لكن و كما العادة و في لحظة من الإلهام، سيقرر “أبو السعود” أن يقدم اقتراحاً غريباً: “لماذا لا نستثمر في برنامج لصنع السعادة؟!”، ليبتسم الجميع كأنهم حضروا لحظة ضوءٍ خارق، بينما يتساءل البعض في سرهم “كيف سنقترح هذا للناس؟ هل نحتاج لتصريح من وزارة السعادة؟”.

 

و النتيجة: حتماً ميزانية ضبابية

 

ان انتهت الجلسة الفريدة، اكيد ستنتهي بطلب تأجيل المناقشة إلى جلسة قادمة “مهمة جداً” و فريدة أكثر من سابقتها. ليخرج الأعضاء متحمسين، لكنهم كمن ضل الطريق إلى السوق. حتى أنهم لن يُدركوا أنهم يمتلكون شهرين فقط لإنهاء كل شيء!

 

في النهاية، يمكن القول إن الخطة واضحة: لن تكون لدينا ميزانية حقيقية هذا العام، ولكن على الأقل لدينا الكثير من الأفكار والوعود التي ستظل في خزائن الحلم حتى إشعار آخر.

 

وبمناسبة انتهاء السنة المالية، لا يسعنا إلا أن نتساءل:

هل سيتعلم المجلس شيئًا من هذه الجلسة الساخرة، أم سيظل كذلك في السنوات القادمة؟

الأمر لا يزال قيد المناقشة!

 

 

Share
  • Link copied
Comments ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (Number of characters left) .