صرخة “جيل زد” محاصرة بورطة التواصل الحكومي
أعرب العديد من المراقبين عن أن ما تشهده الساحة الوطنية من احتجاجات شبابية، تقودها فئة “جيل زد”، لم يعد مجرد غضب عابر أو موجة مؤقتة، بل يعكس أزمة ثقة عميقة بين المواطن والدولة، خصوصاً في ظل فشل قنوات التواصل الحكومية في احتواء الموقف وقراءة التحولات الاجتماعية بنفس السرعة التي يتحرك بها هذا الجيل.
أوضح هؤلاء أن هذا الجيل، الذي ترعرع في فضاء مفتوح على العالم عبر التكنولوجيا والمنصات الرقمية، لم يعد يقبل الخطاب التقليدي أو الوعود الفضفاضة، بل يطالب بلغة واضحة، ومحاسبة شفافة، وإجراءات ملموسة. وفي هذا السياق، بدا أن الأزمة ليست فقط في المطالب الاجتماعية والاقتصادية، بل أيضاً في طريقة تدبير الحكومة للأحداث، وغياب رؤية تواصلية فعالة تراعي حساسية المرحلة وطبيعة الجيل الجديد.
وفي هذا السياق، يرى محللون أن تدبير الدولة للأحداث لم يكن بريئاً، إذ كان واضحاً أن العنف الذي وقع في البداية لم يكن عشوائياً، بل رسالة موجّهة للمعنيين بالأمر في سياق صراع داخلي حول كيفية التعامل مع الاحتجاجات، قبل أن يتم احتواء الوضع وضبط الإيقاع الأمني بشكل تدريجي.
وكذا يشير بعض المراقبين إلى أن “جيل زد” وجد نفسه أمام تناقضات صارخة بين خطاب التنمية والواقع المعيشي، فارتفعت الأصوات الغاضبة مطالبة بالكرامة والعدالة الاجتماعية، لتتحول مواقع التواصل إلى ساحات نقاش مفتوحة، تجاوز فيها الشباب الخطوط الحمراء التي كانت تُرسم من قبل، وأعادوا صياغة النقاش العمومي بأسلوبهم الخاص.
كما أبرز مراقبون أن الحكومة لم تُحسن قراءة رسائل هذا الجيل، ولم تستثمر طاقاته في الحوار أو إشراكه في القرار، بل تعاملت مع حراكه أحياناً بمنطق الشك والتخوين، ما زاد من حدة الاحتقان. فبدل أن تبادر إلى تهدئة الأوضاع عبر خطاب تواصلي صادق، اكتفت ببيانات متكررة غابت عنها روح المسؤولية والوضوح.
وأوضح محللون أن استمرار هذا النهج قد يؤدي إلى نتائج عكسية، لأن جيل اليوم ليس كما كان بالأمس؛ فهو أكثر وعياً بحقوقه، وأقدر على إيصال صوته بطرق مبتكرة، ويملك أدوات ضغط رقمية تتجاوز الإعلام الرسمي.
وفي ختام المشهد، تبقى “صرخة جيل زد” جرس إنذار حقيقي يدعو الدولة إلى مراجعة استراتيجيتها التواصلية، وإعادة بناء الثقة المفقودة، لأن تجاهل نبض الشارع، خاصة في زمن السرعة الرقمية، قد يجعل من أي احتجاج بسيط شرارة لتحولات اجتماعية أعمق مما يُتخيل.
Comments ( 0 )