طائر لطيف، مشاعر عظيمة! “رصد قدرة هائلة للتعاطف مع الغير”

طائر لطيف، مشاعر عظيمة!

“رصد قدرة هائلة للتعاطف مع الغير”

 

 

لقد ظلت الطيور من أكثر الكائنات محافظة على سجيتها، إذ لوحظ من خلال تتبع تطور سلوكها أنها حساسة للضغوط أكثر من غيرها، و اذا كانت الفئران تنقذ أقرانها من الغرق… فإن للطيور قدرة على الشعور بمشاعر الآخرينEmpathie ، حيث كانت تُنسب هذه القدرة منذ فترة طويلة إلى البشر فقط، لكن في الواقع فهي مشتركة بين العديد من الكائنات و خاصة الطيور.

 

كائنات تشترك نفس القدرات

 

تتمتع الأسماك هي الأخرى بأحد أكثر أشكال التعاطف بدائية، والتي تتجلى من خلال تقليد السلوك ومزامنته. وهذا يوفر الحماية ضد الحيوانات المفترسة. سمكة تشعر بالخطر… وتهرب البرية بأكملها! كما لوحظت استراتيجية دفاعية عند الخيول. في حالة وجود تهديد، كل ما يتطلبه الأمر هو أن يهرب واحد بعيدًا حتى ينتشر رد فعله على الفور إلى المجموعة.

 

علمياً

 

أعادة مجلة sciences مؤخرا إعادة نشر مقالة مهمة على صيغتها الإلكترونية حول هذا الموضوع، ووصفته بشكل أكثر دقة بـ “العدوى العاطفية” التي تتمثل، على حد تعبير طبيب الأعصاب جان ديسيتي من جامعة شيكاغو، في “انتقال العاطفة من فرد إلى آخر”. فهو يتيح للمجموعة أو القطيع أن يتعلم من بعض أفراده أن الوضع آمن أو خطير دون الحاجة إلى دفعه نحو تجربة ذلك بشكل مباشر.

 

تُراثياً

 

اتصلت العرب عبر تاريخها بعالم الخيول و الطيور، حيث كان الاتصال الفائق معها بين مشاعر مختلفة، وسط قساوة الصحراء ،منهم من سكن للجَوارح الصيادة فيما اختارت القبائل الأخرى حَمام زاجل.

يقول شاعرهم : أقولُ و قد ناحَت بقُربي حَمامةٌ.أيا جارَتا هل تشعرين بحالي..*. وهو سؤال استنكار سيشرحه ناظم

للشاعر المأسور، طربا و بلسان زجّال.

 

في الحظيرة

 

من أهم معايير تقييم رفاهية الحيوان في الحظيرة و حدائق الحيوان هو نقل المشاعر الإيجابية. و هذا ما قام به الأستاذ إينونج رايمرت، الباحث في علم الأعصاب بجامعة فاجينينجن بهولندا، بدراسته على الخنازير منذ عام 2010، من خلال التجارب. بعد تعريضه أزواج الخنازير إما لمعاملة إيجابية – مثل وضع أغطية من الخث والقش بالإضافة إلى الحلوى (الزبيب) – أو لمعاملة سلبية تتمثل في العزلة الاجتماعية. ثم نقل الأزواج إلى غرفة الاختبار حيث التقوا بخنازير أخرى تسمى خنازير ساذجة. ثم لاحظ الباحثون أن الحيوانات التي حظيت برعاية جيدة تعبر عن الفرح وتهز ذيولها، في حين كانت تلك التي تم إهمالها في حالة تأهب، وتتبول وتتبرز بشكل متكرر. يبدو أيضًا أن سلوكياتهم أثرت على أقرانهم الساذجين من خلال العدوى العاطفية.

وفي حالة المعاملة السلبية – والتي كان لها الأثر الأكبر على الخنازير الأخرى – فقد استمر تأثير الإجهاد بعد انتهاء التجربة. وهذا بالضبط ما أثار التساؤلات حول ممارسات التربية التي تركز عددا كبيرا جدا من الحيوانات المعذبة في نفس الحظائر.

 

الصورة الأكبر

 

دراسة التعاطف في عالم الحيوانات الأليفة ليست بالأمر السهل. ما هي المظاهر والسلوكيات الفسيولوجية التي يتم التعبير عنها؟

يؤكد كلود باولينو، الطبيب النفسي في حديقة الحيوان في فار: “ما زلنا في بداية المعرفة، مع العلم أننا كنا نعتقد منذ فترة طويلة أن هذه الخاصية مخصصة للبشر”. الفئران هي حيوانات مختبرية نموذجية، لكنها كانت موضوع الكثير من الأبحاث حول قدراتها المساعدة. وهكذا، قام فريق ياباني من جامعة كوانسي جاكوين، بالقرب من كوبي، بوضع أزواج من فئران سبراغ داولي تحت الاختبار. تم وضع أحد القوارض في حجرة جافة، والآخر في زنزانة مملوءة بالماء، حيث كان معرضًا لخطر الغرق. تم فصل العلبة بين البوابتين.

وتكررت التجربة عدة مرات لكل زوج. اما بالنسبة للطيور فإن تتبع دراستها في الأسر يعقد من مجريات البحث بسبب تغيير سلوكها،لأنها من أكثر الكائنات طوقا للحرية و هذا ما يُصعب من دراستها، لكن التأمل و الاتصال الفائق بها عبر التكنولوجيا المتاحة حاليا سيكشف المزيد من الأسرار بهذا العالم الفريد الذي تجاوز العدوى العاطفية نحو التضحية في بعض الحالات التي رُصدت عن اناث الطيور على الرغم من عدم توفرها على خصائص التعبير (التغريد) التي يملكها الذكور.

 

 

Share
  • Link copied
Comments ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (Number of characters left) .