ترحيل المتشردين والمرضى النفسيين والعقليين…جريمة اجتماعية تضع المسؤولين في دائرة الاتهام
تعرف ظاهرة التخلص من الأشخاص في وضعية الشارع والمرضى النفسيين والعقليين في عدد من المدن الصغرى تزايد ملفت يطرح أسئلة جوهرية حول المسؤوليات والآثار الاجتماعية والإنسانية المترتبة عن هذه الممارسات. فمن المسؤول عن هذه الكارثة؟ وما انعكاساتها على المجتمع وعلى حياة هؤلاء المواطنين؟
في هذا الصدد، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي صور وفيديوهات توثق انتشار مجموعة من الاشخاص في وضعية صعبة بضواحي مدينة الجديدة وعدد من المناطق الأخرى. وأكد أحد المواطنين أن هناك حافلة قامت بإنزال عدد كبير منهم في وضعية صعبة على قارعة الطريق قبل أن تغادر، وهو سيناريو يتكرر في مختلف المدن بالطريقة نفسها، مما يدق ناقوس الخطر ويفتح الباب أمام علامات استفهام عميقة حول خلفيات هذه الممارسات.
لماذا يتم التخلص من هؤلاء بدل معالجة أوضاعهم وإدماجهم في برامج اجتماعية وصحية تليق بهم كمواطنين؟ أليسوا أبناء هذا الوطن؟ أم أن هشاشتهم الصحية والاجتماعية أصبحت مبرر لإسقاط حقهم في الكرامة والانتماء؟
اثارت صورة لرجل متشرد عثر عليه متوفيا بسبب البرد موجة غضب واسعة. حيث فتحت نقاش اجتماعي حاد حول الظروف المأساوية التي يترك فيها هؤلاء الأشخاص لمواجهة مصيرهم في العراء دون مأوى ولا علاج أو حماية، في وقت تتكرر فيه دعوات المجتمع المدني والمواطنين بضرورة تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، والبحث في أسباب ترحيلهم بدل إيجاد حلول فعلية تحفظ حقهم في العيش الكريم.
من المؤسف أن يستمر هذا الوضع في بلد يعيش مرحلة تنموية مهمة، بينما ما زالت تمارس فيه سياسات قائمة على التهميش والنظرة الاحتقارية للأشخاص الأكثر هشاشة، وكأن التخلص منهم خارج المدن الكبرى هو الحل الأسهل للحفاظ على صورتها.
إن السؤال المطروح اليوم هو: ما هي الحلول البديلة لمواجهة هذا الوضع؟ وكيف يمكن وقف عمليات الترحيل القسري وتحويل الجهود نحو بناء منظومة رعاية شاملة توفر للمتشردين والمرضى النفسيين حقهم في العلاج والإيواء والحماية؟
إن استمرار الوضع على ما هو عليه لن يؤدي سوى إلى المزيد من التوتر وتعريض المواطنين للخطر، وكذا تفاقم أزمة اجتماعية تتسع رقعتها يوما بعد يوم ولا يمكن توقع نتائجها مستقبلا.
هل سيظل المسؤولين يتفرجون على هذا المشهد؟ أم آن الأوان لاعتماد حلول حقيقية تعيد لهؤلاء مكانتهم كمواطنين يتمتعون بكامل حقوقهم المشروعة؟ ومن المسؤول عن الوضعية الراهنة؟ وماهي الإجراءات المتخذة في حق من تورط في خلق هذه الظاهرة؟
Comments ( 0 )