عائدون من الفنيدق..
صادفت نهاية هذا الأسبوع المنصرم الذي عشناه على إيقاع تتبع احداث الهجرة الجماعية للشباب، أبناء الحي العائدين بعد محاولة الهجرة، في الحقيقة هم يعرفون عقبات محاولتهم، لكني أعرف أكثر أنهم شباب مستكشف للفرص، حاولت التأكد من نيتهم لاني اعرف ان عزيمتهم وحبهم في الإستقرار اكبر من الوهم الذي يحاولون التعلق به، كيف لا وهم من كبروا مع مشاكل اخوتهم الاكبر وسط مدينة تعاني من قلة الفرص وصعوبة العيش رغم وفرة الثروات و الصناعات.
و لأنهم رياضيون بالدرجة الأولى، و هي فئة تتقلص يوما بعد يوم حيث تتقلص المساحات الخضراء أمام حائط الشوماج الذي تزيد به الطوابير مع انطلاقة كل سنة دراسية، حاولت أن أصد ترحيبهم بي بتحويل الحوار نحو الترحيب بهم كأنهم عائدون من رحلة سياحية، لأنهم اعتادوا في حديثي لهم “حديث و مغزل” بشئ من الفكاهة و السخرية من الواقع، كما أنهم سمعوا مني الكثير عن تجاربي بمدن الشمال حيث استقرت بي الظروف لمدة بعد الحركة، لم تبدوا عليهم آثار التعب أكثر من نظارة بشرتهم التي عادة بها من الشمال حيث الطبيعة الساحرة و الرياح الشرقية. سألتهم أن صادفوا الحب هناك كما وقع معي من قبل. يضحكون ملىٔ قلوبهم كاين بزاف تالحب كاين البلاد زينة. هذا عجباتوا واحد السبتاوية كان بغا يبقا تما جبناه غير بزز.
تا كيفاش الحب راه كين غير الإدمان…
واصلنا السير معا نحو المنحدر الذي يُبعدنا عن الحائط نحو الغروب حيث نجلس كالعاطلين عن العمل ننتظر الأمل تحث أشعة شمس الغروب المنهارة على البحر المحيط، تتشابك الأحاديث الثنائية بيننا بين الفكاهة و المزاح والضحك ،تا أش من حب …! رآه كين غير الإدمان. بغينا نعيشوا في هاد البلاد السعيدة، شو تبارك الله البلاد شحال زينة، شو ناس تبعات السياسة دارت المشاريع، شو البزناسة دارو الطموبيلات شو السراول حتى هوما تزوجوا و داروا الولاد و هاوا دافع البّوسّات هههه. و الدراري ما على بالهم تابعين البلية، و حتى البنات ولاو كيشموا السلسيون و كيديروا الكالة،تغبر عام تلقى زوج حماقوا و واحد سدو بيه الثقبة في الحبس لقاوه كيفرق لحشيش باش يْشيط ليه ما يكمي.
– تخدم سيكيريتي عند العاطيفي؟؟
– نزل المرسى تكرط الحوت و ضرب لاگلاص ؟؟
– كتاكل الشرن كبيلا ؟
– آش خبار المبادرة .. إنطلاقة ؟
– غادي يعاودوا الإنتخابات قريب يفرقوا علينا الزرقة؟
آجي نشربو شي قهوة تم !
ترى الناس كلوا فينا حسيفا !
كون داروها غير شي صالة تاع الرياضة في هاد الكورنيش !
حتى الشفرة ما يعرفوا لها !
هشام كيفاش نديروا السياسة، هاد ناس حگرونا ؟
واش كيتزادوا بالفطرة سياسيين و لا خاص تكون عندك تاسعة بحال هذا !؟
*لا غير الشهادة الابتدائية !
يضحكون ملىٔ قلوبهم..
الله يفاجيها علينا.
يواصلون شقاوتهم مع الفتيات التائهات على الرصيف و هم الأنيقون في لسانهم و هندامهم، الناس ما عندهم كرامة (النفس) بغينا نعيشوا هنا، و لكن معرفتش واش الناس مازال مگلوبين فـ2024، و حتى لي ما بليش كيبان مگلوب، معرفناش اشمن بلية عندهم، بلاد الإدمان أسفي، بلاد المتقاعدين و الأشباح، حنا مازالين هنا، نشوفو هاد القطران وخا نحيدوا بيه غير الهوايش هههه، و مالوا نقدروا نلقاو ماوراه الحب.
لقد أصبح شبابا حينا يتحدثون عن السياسة
ربما أدركوا أنها تُمارس عليهم..! ربما أدركوا أنها فن الممكن..!
ربما أدركوا أن طاقتهم الشبابية معنية بالاهتمام بالسياسة..!
ربما مع رحلتهم التي فاجئتهم بالواقع أدركوا أنهم كائنات سياسية لا مفر..!
هناك حيث أدركوا أن الإدمان وقلة الحب من بين الأسباب الرئيسية التي دفعتهم إلى البحث عن حياة جديدة في أماكن أخرى.
الإدمان وتأثيره على الشباب:
لا تعتبر مشكلة الإدمان حصرا على مُتعاطي المخدرات بل تتجاوز محيط المدمن للتأثير على المناخ العام، سواء كان على المخدرات أو الكحول، من القضايا الخطيرة التي تؤثر على الشباب في مختلف أنحاء العالم. لا يزال الإدمان بأنواعه يؤدي إلى تدهور الصحة النفسية للمجتمع، مما يسبب مشاعر الإحباط والعزلة. فعندما يشعر شبابنا بعدم القدرة على التغلب على هذه المشكلات، يبدأ البعض منهم في التفكير في الهجرة كوسيلة لتهدئة الفزع من المستقبل للابتعاد عن بيئة سلبية، وتأمين بداية جديدة في مكان آخر.
قلة الحب والدعم الاجتماعي لشباب ليس بالشعارات و المؤتمرات الشبابية الغرّافة من البوح. لأن العوامل العاطفية والاجتماعية تلعب دوراً كبيرًا في حياة الشباب لتشعرهم بالانتماء. الكثير من الشباب يجدون أنفسهم في بيئات خالية من الحب والدعم بسبب التفكك الاجتماعي و غياب قنوات التواصل. قلة العلاقات العائلية الجيدة، وغياب الأصدقاء الداعمين، أو حتى الضغط الاجتماعي يمكن أن يؤدي إلى شعور بالعزلة واليأس. في مثل هذه الحالات، تبقى الهجرة تلعب لعبتها في البحث عن بيئة جديرة بالحياة توفر الحب والدعم، حيث يرغب الشباب في إيجاد مجتمع يحتفي بهم ويشعرهم بالقبول.
هي الرغبة في تحقيق الذات
أمام قلة الفرص التعليمية والوظيفية التي تدفع الشباب للبحث عن حياة أفضل في الخارج. عندما يرى شبابنا الرياضي و المثقف أن الإدمان المحيط به من كل زاوية والضغوط النفسية تمنعه من تحقيق أحلامه، تصبح الهجرة حلاً محتملاً. في المدن التي تعاني من أزمات اقتصادية أو اجتماعية، يكتشف الشباب أكثر، أن الفجوة بين طموحاتهم والواقع الذي يعيشونه تتعاظم، مما يدفعهم للرحيل بحثًا عن فرص جديدة.
حتى التأثيرات الثقافية والإعلامية تساهم كوسائل التواصل المُتسيبة، في تشكيل وجهات نظر الشباب حول الحياة في الدول الأخرى. غالبًا ما تعرض هذه الوسائل قصص النجاح التي تمنحهم الأمل في إمكانية الحصول على جودة حياة أفضل. و هي انطباعات تأجج الرغبة في الهجرة، حيث كشف شبابنا أن دعوات الهجرة الجماعية ساعدتهم للهروب مؤقتاً من الآلام المصاحبة للإدمان المنتشر بالحي وقلة الحب.
منظور أوسع
ظاهرة الهجرة الجماعية لشبابنا هي نتيجة معقدة تتداخل فيها عوامل متعددة، لكن تبقى قضايا الإدمان و تاثيره على محيطهم من بين العوامل الحاسمة. من الضروري اليوم أن يتخذ المتدخلون من القوى الحية بإجراءات فعالة لمواجهة هذه التحديات، من خلال توفير بيئة داعمة تعزز الصحة النفسية، وتقدم الفرص التعليمية والاقتصادية للجميع. فبدلاً من أن يكون الهروب أسهل خياراتهم، يجب أن يكون لدينا نظام يضمن للشباب حياة كريمة ومرضية داخل مدينتنا.
Comments ( 0 )