فوضى المساعدات وغياب التنسيق: جولة ليلية في أحياء آسفي العتيقة بعد كارثة الفيضان

فوضى المساعدات وغياب التنسيق: جولة ليلية في أحياء آسفي العتيقة بعد كارثة الفيضان

 

 

آسفي – في الليلة الثانية بعد كارثة الفيضان الذي ضرب المدينة العتيقة عشية 14 ديسمبر.

 

 

تتواصل معاناة ساكنة المدينة العتيقة بآسفي خلال اليوم الثاني بعد الفاجعة، على إثر ضياع ممتلكات عشرات المحلات التجارية و المنازل، فخلال الجولة التفقدية التي اختار لها مصدر خاص لجريدة المنظور تيفي بريس، ان تكون ليلية للوقوف على آخر التدابير و الإجراءات المتخدة بعد إزالة العوائق و الوحل الذي تكلفت مشكورة بإزالته، أفاد أنها لا تزال النفوس مجروحة على فراق الاصدقاء و الاهل الذين راحو ضحية الفيضان الذي اختار المدينة عوض مروره للبحر.

شهادات السكان القاطنين بالمدينة القديمة وخاصة بالشارع الرئيسي الذي غمرته مياه الفيضان الجارف لحدود اكثر من مترين و ثلاثة أمتار في بعض النقاط، يتحدثون بحرقة عن مصير الأموات و الأحياء الذين فقدوا ممتلكاتهم و مدخراتهم. وخلال محاولتنا دخول المدينة التي سُيجت بحواجز السلطة و سدود أمنية، استرعى انتباهنا بالمدخل الشرقي للمدينة العتيقة توقف شاحنة محملة بالأغطية و الأفرشة سرعان ما أصبحت نقطة لتجمع مجموعة من “المتضررين” قبل أن تصبح فوضى قبيل انزال المساعدات، الأمر الذي تطلب تدخل رجال الامن لتأمين مدخل المدينة مطالبين برحيل سائق الشاحنة و الرجوع لإخلاء المكان، و هي الواقعة التي استرعت فضولنا لمواصلة السير على جانب سور المدينة باتجاه ميناء المدينة و تفقد آثار مجرى الوادي باتجاه البحر، حيث صادفنا بعض البحارة امام باب الميناء اخترنا مرافقتهم باتجاه سيدي بو ذهب، وخلال المسير تفقدنا ما يبدوا انه السبب الرئيسي المؤدي الى فيضان الوادي على المدينة العتيقة بعد اختناق المنافذ المؤدية إلى البحر و التي منعت تسريب المياه تجاه البحر، بالمقابل، فإن البحارة تحدثو باسهاب عن الأضرار التي لحقت مراكب الصيد و بعض تجهيزات الميناء التي خربتها مياه الفيضان، متحصرين بنضراتهم للمدينة العتيقة التي طالها الخراب، ومتسائلين عن مصير اولائك الناس الذين فقدوا تجارتهم بأكثر نقطة رواجا بالمدينة. مما يطرح تساؤلات جوهرية:

كيف سيصبح حال المدينة اقتصادياً بعد دمار هذا الفضاء التجاري الشعبي ؟

يتسائل البحارة بحرقة وهم ينتظرون تحسن الأحوال الجوية بعد منعهم من الابحار ؟

السؤال الابرز و هو سؤال استنكاري طفى الى سطح النقاش!

آسفي تصبح راكدة بعد اغلاق الميناء، فكيف ستصبح اليوم بعد خراب تجارة أبرز نقطة في المدينة؟ هنا لم يبقى لنا سوى نفث السيجارة الرديئة مع البحارة و نحن ننظر الى مساعدات اخرى قادمة لسكان المدينة.

فالجهة الأخرى تجمعت فيها نساء مسنات يشكين لرجال القوات المساعدة عدم توصلهم ببعض الأغطية التي تقي برد هذا الشتاء بعد تبلل ما تبقى من افرشتهم التي أتى عليها الفيضان.

استوقفنا الأمر لبحث حديث النسوة، الذين تحدثو بمرارة عن الفوضى التي احدثتها هذه المساعدات الليلية، مؤكدين انهم لا يعرفون احد من هؤلاء الذين يريدون تصويرهم ولا اولائك الذين تسلموا المساعدات، وسط احاديث جانبية لشباب اتو من درب القصبة يتحدثون مبعوتي أحزاب سياسية و اشخاص مجهولون وزعوا بعض المساعدات “الإنسانية” عند الباب الجنوبي “الباب الجديد” على بعض الشابات قبل التقاطها لصور توثق اللحضة، واصلنا حديثا مع إمرأة من اخفض نقطة بالمدينة، النقطة التي طالها الغرق حيث نجت بأعجوبة، تقول انها اضطرت رغم المرض و عجزها عن توفير دواء ضغط الدم، للخروج نحو مداخل المدينة العتيقة لتلقي الأفرشة، لكن جهودها باءت بالفشل بعد عجزها امام قوى النساء التي اتين من احياء مجاورة للإستفادة، لتنهي حديثها بعد معرفة صفتنا بالدعاء لامير المؤمنين، وأنها لا تثق في شئ آخر غير قدرة الخالق و جهود الملك محمد السادس، كما طالبت بوصول مدده و عطفه امام جور هؤلاء الذين يريدون التقاط صورها مع المساعدات، لتقوم بعدها لتقبيل رجال القوات المساعدة مع الدعاء “لهلا يخطينا مخزن” انصرفت السيدة العجوز مشيرة الينا بيديها نحو المدينة العتيقة في إشارة إلى من يستحقون الالتفات من قبل السلطات الغائبة. قمنا بعدها بالتحري عن مصدر بعض المساعدات التي سرعان ما اتخدت طريقا لها نحو احد المستودعات، قبل أن نصادف قائد المنطقة، الذي حدثنا عن انتظار قدوم التعزيزات بقادم الأيام، منبهين السيد القائد الى بعض الفوضى التي شاهدنا بالمدخل الشرقي للمدينة، مؤكدا لنا حرصه على استتباب الأمن و التحري على مصدر هذه المساعدات.

لم تتوقف جولتنا بعد، فالظلام الذي حل بعد انقطاع الكهرباء على المباني المتضررة و التماس الكهربائي الذي يضرب في بعض الأعمدة، تزامن مع صول فريق من رجال الوقاية المدنية للديمومة الليلية شجعنا لمرافقتهم و استكشاف دروب المدينة، تسللنا عبر الشارع الرئيسي باتجاه باب الشعبة، لا حديث يصف به هؤلاء الرجال الذين تم استدعائهم الى الحديث عن الخراب مع تعاليق تستحق التحقيق عن أسباب هذه الكارثة، تفقدنا مع بعض شروط السلامة التي يحتاجها من تبقى من الناجين تحث هذه الاسقف المهترئة، لا تعد ربما صالحة للسكن، اخترت ادخل بعدها بعض الأزقة لتفقد بعض المعارف و الاصدقاء الناجين، لا أفرشة لا أغطية، مجرد جدران مبتلة و مهترئة و اسقف آيلة للسقوط، كهرباء منقطع، تماس كهربائي و خطر من كل جانب، تبادلت الحديث مع احدى العائلات التي اخترت اضاءت الشموع خوفاً من اي تماس كهربائي، تقول ان هؤلاء الذين يحملون الأغطية ليسوا من سكان المدينة، لقد أصبحنا نشعر بالخجل و الخوف على بناتنا من تصيد صورهن مع المساعدات التي يقدمها هؤلاء المجهولون، لم نعد نعرف أهي مساعدات إنسانية أم حملة إنتخابية؟ هل يمكن أن يكونو أدرع دعوية لتيارات فكرية، لقد اختلطت علينا الأمور في هذه الأزمة.

رجاء أن توصل صوتنا للمسؤولين فنحن لم نعد نثق بالحديث عن مشاكلنا مع دوائر السلطة المحلية، حتى اننا لا نستطيع التشكي مخافة أن تعطل مصالحها الإدارية من بعد, فلدينا أبناء نحلم ان يرتقو في عيشة أفضل من هذه.

 

 

Share
  • Link copied
Comments ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (Number of characters left) .