قصر “بير ديكاريس”المخيف يفتح أبوابه لزوار طنجة.

افتتح هذا الأسبوع بعروس الشمال طنجة أحد أغرب القصور و أكثرها شهرة بالمنطقة فقبل الوصول إلى قصر بيرديكاريس، أو قصر الكلاوي كما يسمونه أيضا، هناك الكثير من آثار بنايات قديمة أو ما يشبه الآثار. القليلون جدا يعرفون ما كان يدور في هذه الغابة التي كانت علبة أسرار مغلقة فترة الحماية الفرنسية حين كانت طنجة منطقة دولية. 
في بطن الغابة وفي هضبة مرتفعة على البحر، يبدو القصر الذي يشبه قصور القرون الوسطى اليوم في متناول السياح الباحثين عن التراث و الثقافة
قصر ليس كبيرا إلى درجة تثير الانبهار، وليس صغيرا إلى درجة اللامبالاة، لكن شكله الخارجي يعطي للوهلة الأولى إحساسا غريبا يثير الفضول لاستكشاف المكان. ورغم أن الكثيرين يسمونه قصر الكلاوي، لأن هذا الرجل الذي بايع الفرنسيين خلال فترة الحماية، كان يقطن فيه بين الفينة والأخرى حين يغير أجواء مراكش بأجواء طنجة. لكن قبل أن يسكنه الكلاوي، كان هذا القصر ثمرة قصة حب رومانسية بين “بيرديكاريس” وزوجته التي وعدها بأن يبني لها أجمل قصر في أحسن مكان في العالم، فاختار غابة الرميلات في طنجة،  استقر بيرديكاريس، الذي كان قنصلا لأمريكا في طنجة مع زوجته في غابة لم يكن أحد يجرؤ على دخولها، وبنى هذا القصر الفخم وسط الغابة المطلة على أوروبا عبر مضيق جبل طارق، حيث بدأت فصول مثيرة من تاريخ المغرب، وطنجة على الخصوص.

في بداية القرن العشرين، كان المغرب يعيش على بركان التمردات، وبينما كان المتمرد بوحمارة يبسط سيطرته على مناطق واسعة من وسط المغرب ومنطقة شمال وشرق الريف، كان الثائر أحمد الريسوني الحاكم شبه المطلق في مناطق جبالة، لا شيء يقف في طريقه حتى الدول الأوروبية الامبريالية ،كانت ثورة الريسوني في حاجة إلى الدعم والمال، وكان قصر بيرديكاريس في بطن غابة موحشة صيدا مثاليا. كان الملياردير الأمريكي-اليوناني يعتقد أن ماله وجنسيته وشهرته ستحميه من أي شيء، وكان الريسوني لا يعترف بأي شيء من كل هذا، لذلك، وفي أحد أيام شهر ماي من سنة 1904، أغار الريسوني ومقاتلوه على غابة الرميلات، وفي لمح البصر اختطفوا زوجة بيرديكاريس وابنه كرومويل، ثم اختفوا. كاد بيرديكاريس يصاب بالجنون بعد اختطاف زوجته التي كان يعشقها بصدق، وطلب حماية السلطان عبد العزيز الذي كان منشغلا ،  لكن الريسوني أجمل شروط الإفراج عن الزوجة والابن في أن يؤدي السلطان وبيرديكاريس 70 ألف قطعة ذهبية، وأن يخرج المخزن من منطقة نفوذ الريسوني. 
لكن الغريب هو أن زوجة الملياردير اليوناني استحلت الاختطاف، وأعجبت بالريسوني إلى حد أنها قالت إن هذا الرجل ليس زعيم عصابة ولا قاطع طريق، بل إنه مقاتل من أجل وطنه وكرامته، وأنه يدافع عن قومه ضد الجبروت والطغيان. 
ومن يشاهد الفيلم الشهير «العاصفة والأسد»، الذي لعب فيه الممثل الإنجليزي الشهير سين كونري دور الريسوني، سيدرك سر ذلك التعاطف الكبير الذي أحست به المرأة تجاه الثائر.

القصر والبحر و الغابة والحكايات


قصر بيرديكاريس هو أيضا محط حكايات كثيرة. أناس يتداولون حكايات تقول إن هذا المكان هو نفسه الذي صوّر فيه فيلم الرعب الشهير «إكسورسيست» في سبعينيات القرن الماضي، وهو الفيلم الذي أحدث رجة كبيرة في سينما الرعب العالمية. وآخرون يقولون إن فيلم «العاصفة والأسد» تم تصويره أيضا في هذه الغابة وهذا القصر، وإن دخول المنطقة ليلا، أو حتى عندما يدخلها الزائر وحيدا نهارا، يمنح إحساسا رهيبا بالخوف الممزوج بالشعور بوجود كائنات مثيرة تسيح بين الأشجار وتختفي خلف الأحراش. 
قصر بيرديكاريس، رغم أنه اليوم تجاوز المائة عام على بنائه، إلا أنه أصبح اليوم يتحمل خطوات الزوار، ولايزال يحتفظ ببعض معالمه من الداخل، ولايزال هناك مطبخ، أو آثار مطبخ وبقايا غرف النوم وغرفة المؤونة وأشياء كثيرة أخرى ارجعها الترميم لسابق عهدها. 

Share
  • Link copied
Comments ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (Number of characters left) .