كارثة فيضان آسفي: مطالبات عاجلة بمحاسبة المسؤولين عن سد منفذ “قوس البابور” و غرق المدينة العتيقة
آسفي، 14 ديسمبر 2025 – شهدت المدينة العتيقة في آسفي اليوم كارثة فيضان غير مسبوقة، حيث غمرت مياه الأمطار الغزيرة شوارعها وأزقتها، مخلفة خسائر مادية هائلة فضلا عن وقوع خسائر في الأرواح بلغت لحد الآن حسب مصادر مطلعة لجريدتنا من قلب الحدث 29 رجل و 2 نساء وطفلة كحصيلة أولية ، فيما مازال البحث جاريا على المفقودين. وفقاً لشهود عيان، بلغ منسوب المياه ثلثي ارتفاع باب الشعبة، الذي تحول إلى نقطة تجمع رئيسية للسيول الجارفة. كما تشير الصورة المرفقة، التي التقطت في موقع الحدث، حجم الكارثة بوضوح: جدران المدينة الحجرية القديمة التي عمرت لقرون تغمرها مياه طينية، وبقايا أزبال وأغطية بلاستيكية تطفو على السطح، فيما يظهر سكان المدينة على السطح العلوي يراقبون الوضع بذهول تحت سماء غائمة لا تنذر لصفاء الجو مع اسمرار الزخات الرعدية.لم يتوقع سكان المدينة العتيقة مثل هذا السيناريو، خاصة مع الاستشهاد التاريخي للشيخ سيدي محمد صالح الذي قال ذات يوم: “كل المدن تغرغ حد الآذنين إلا مدينتي تغرق حد الكعبين”. لكن ما حدث اليوم تجاوز كل التوقعات، حيث تسللت السيول إلى أعماق المدينة، محولة دروبها إلى أنهار طينية تجمعت بساحة “سيدي بو ذهب” لتعرف السيارات المركونة في مرءاب الساحة المقابلة لباب المرسى. هذه الكارثة، التي لم تشهد المدينة مثيلاً لها منذ قرون، تثير تساؤلات حول الأسباب الرئيسية وراء تفاقمها.
![]()
في قلب الجدل، يبرز جدار الصد البحري الجديد الذي تم بناؤه مؤخراً لحماية قصر البحر. هل ساهم هذا الجدار في سد المنفذ الوحيد لواد الشعبة نحو البحر، مما أدى إلى عودة السيول نحو المدينة؟ يبدو أن هذا الاحتمال هو السبب الرئيسي، وفقاً لتحليلات أولية باشرناها مع المهتمين و شيوخ المدينة. فقد أدى الجدار إلى خنق “قوس الببور” – المصب التاريخي للوادي – الذي كان يُستخدم سابقاً كمنفذ طبيعي لتصريف المياه. وبدلاً من ذلك، تحول الوادي إلى قناة صرف صحي لتجزئة “المسيرة”، بناءً على قرارات سابقة من مسؤولي الجماعة المحلية !
![]()
تفاقمت الكوارث البيئية مع مرور الوقت قبل ان تصبح ساحة بوذهب، المطلة على البحر، مصدراً للروائح الكريهة بسبب تراكم النفايات والمياه العادمة في المصب المكشوف. ومع ذلك، لم تراعِ التصاميم الجديدة خصوصية المدينة، التي تقع وسط تلال منحدرة تجمع مياه الأمطار في نقطة واحدة. عندما واجهت السيول الجدار الصد، انحرفت نحو باب الشعبة – المنحدر الوحيد المتبقي – مما أدى إلى غمر المدينة العتيقة بالكامل. وبالرغم من تساقطات مطرية سابقة أشد قوة، لم تشهد المدينة مثل هذا الغرق، مما يشير إلى تقصير واضح من جانب المسؤولين.أمام هذه الصور المروعة، التي لم يصدقها السكان، يفرض السؤال نفسه: من يتحمل المسؤولية عن هذه الكارثة؟
![]()
يجب على السلطات فتح تحقيق فوري لمحاسبة المسؤولين عن قرارات البناء والتصميم، بما في ذلك رؤساء الجماعة السابقين الذين ساهموا في تحويل الوادي إلى قناة صرف، وسد المنفذ الطبيعي!
![]()
فالمدينة العتيقة، رمز تاريخي لحاضرة المحيط، تستحق حماية حقيقية لا تؤدي إلى تدميرها. مطالبات السكان الآن تركز على إعادة فتح المنافذ الطبيعية وتعزيز البنية التحتية لمواجهة التغيرات المناخية، مع ضمان عدم تكرار مثل هذه الأخطاء.
Comments ( 0 )