مآل كرنيش آمون…مشا “آمون” و بقى غير “بَربليش”

مآل كرنيش آمون…مشا “آمون” و بقى غير “بَربليش”

 

 

 

لا يزال تدهور الأوضاع البيئية المحيطة بساحل كرنيش آمون في حاضرة المحيط يُعتبر من أهم التحديات البيئية التي تسببت فيها الأخطاء التاريخية عند توطين الصناعات الكيماوية بأسفي، و ذلك بعد فصل المدينة عن امتدادها البحري نحو المحيط بإنشاء سكة قاطرات الفوسفاط.

 

وضع يزيد قتامة لارتباط هذا التدهور بشكل كبير بسلوك مستغلي الملك البحري الذين ركزوا اهتمامهم على تحقيق مصالحهم الشخصية على حساب الصالح العام والبيئة، في حين كان الأجدر بهم أن يترافعوا من أجل المدينة لاستخلاص Les taxes urbain مِمّن ركزو أنشطتهم الصناعية الملوثة على ساحل المدينة.

 

الغريب في الأمر أن هذه.. أو ربما ليس غريب على آسفي؛ هو أن taxes urbain تدفعها هذه الشركات لمدن أخرى تستقر بها مكاتبهم المكيفة.

 

مشى “آمون”و بقى “بربليش”..!

 

تلعب سواحل آسفي بأجرافها و رمالها الذهبية وطحالبها إضافة للتيار البحري (الكاناري) دوراً حيوياً في الحفاظ نقاء الساحل الذي تحددت به الركبان على مر التاريخ، ليس فقط من أجل المنظر البانورامي الذي يُكلف الاستمتاع به شرب فنجان قهوة على مقهى كليبسو التي تضاربت داخلها المصالح حتى وصلت المحكمة الإدارية بمراكش؛ و لكن لأن التنوع البيولوجي الفريد للمنطقة ألهم أكثر من علّامة، من ابن الخطيب و ابن خلدون مرورا بمحمد بن سليمان الجزولي و صولا إلى الشيخ سيدي محمد الصالح اللذان استقرى بأسفي خلال العصر الوسيط للمملكة الشريفة، بالمقابل و في الوقت الحالي قد تكلفك جولة خفيفة حول مقام هذين القامتين في التاريخ المغربي حسرة ما بعدها حسرة إن حَدثتك الأسوار عن أخبارها. كذلك البحر المحيط الذي أصبح يرزح تحت وطئة الأزبال المنتشرة على عشقه الأبدي..كرنيشه آمون الذي استمد اسمه من السمكة الحرة ” آمون ” التي كانت عنوان رحلات الصيد التي ينظمها هواة الغطس و أصحاب قصبات الصيد على الجرف البحري، سألنا أحد المولوعين بهذه الهواية عن “الحوت الحر” المعروف بالمنطقة: باقي هنا شي “درعي” ؟ “ابلاغ” ؟ “c est rare” اي “السنور” ؟” آمون ” ؟

يُجيب ساخراً : هاد الزبل ما خلا لينا حتى بربليش ! و حمرودة مسكينة هجرة البلاد ،هاد الساعة رآه كتجيبنا غير الولعة أ الريس! حتى انتا علاش كتسول! البلاد مشات!

 

معلومة : تعتبر الأسماك الحرة آمون و الدرعي بوشوك من الأسماك المستوطنة بالرصيف البحري المغربي، اي أنها تعيش على سواحلنا طوال السنة عكس الأسماك المهاجرة التي تلقى اهتمام الوزارة و ريع مشغلي اعالي البحار.

 

اكيد ان الاسماك التي أصبحت نادرة جداً على سواحلنا بدأت في تغيير مستوطناتها بعد فشلها أمام تراكم البلاستيك و الأزبال التي زاحمت الطحالب البحرية و الصدفيات التي كانت تقدم خدمات بيئية مهمة على غرار توفير المأوى و الماكل للاسماك الحرة. ومع ذلك، فإن استغلال هذه السواحل يستمر في عشوائيته مع غياب أي رؤية لتنمية مستدامة من أجل الأجيال القادمة.

 

لقد اصبحت المشاكل البيئية الناتجة عن الاستغلال العشوائي و الغير القانوني في الأصل، تغدي التلوث البحري الناتج عن التصريف العشوائي للملوثات الصناعية والاستهلاكية في البحر. كما أن عمليات الصيد الجائر التي تمارسها بعض المراكب التقليدية اصبح فاضحا باستعمالها لشباك غير مرخصة تأتي على كل سمكة صادفتها، كما أن تدمير زوار الكورنيش للبيئة لا حدود له مع غياب ثقافة بيئية أمام الصورة البشعة التي أصبح عليها هذا المتنفس الذي كان يوما يسمى كورنيش آمون.

 

منظور أوسع

 

يعد تضارب المصالح في تدبير سواحلنا إضافة للريع المستشري في البر و البحر سبباً رئيسياً في استمرار هذه الممارسات الضارة. الملاحظ هو غياب التخطيط السليم وسيطرة المصالح الشخصية على قرارات تشمل تطوير المناطق الساحلية لصالح مشاريع فاخرة أو نشاطات بحرية بدون تقييم كافٍ للأثر البيئي.

 

الصورة الاكبر

 

لحل هذه المشكلات، يجب تبني نهج شامل يشمل تعزيز القوانين واللوائح البيئية ومكافحة الفساد وضمان المشاركة المجتمعية في صنع القرارات المتعلقة بإدارة السواحل. كما أنه من الضروري تشجيع الاستثمارات في المشاريع المستدامة التي تراعي التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة. بالإضافة إلى ذلك، يحتاج المجتمع العلمي للنزول من الكلية و الانخراط بشكل أكبر في توعية السكان وتقديم الحلول المبتكرة لحماية الثروات البحرية.من خلال دمج هذه العناصر، يمكن تحسين حالة البيئة المحيطة بمناطق الملك البحري وتحقيق توازن بين التنمية الاقتصادية وحماية الموارد الطبيعية لضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة.

 

 

Share
  • Link copied
Comments ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (Number of characters left) .