مالا تراه العين يبصره العقل

مالا تراه العين يبصره العقل

 

 

 

 

في عالم يفيض بالمناظر والظواهر، قد تلتقط العين العديد من المشاهد ولكن العقل هو الذي يبصر حقيقتها. فالعين هي أداة للرؤية، لكن العقل هو الذي يملك القدرة على الفهم والتمحيص. قد نرى النعم بعيوننا ولكن إن لم نشكر الخالق على ما أنعم به علينا، فإننا قد نُحرم منها حتى وإن كانت أمامنا، لأن بصيرتنا قد تعمى عن تقدير قيمتها.

 

هناك فرق بين من يرى ومن يبصر. فالبصيرة ليست مجرد القدرة على رؤية الأشياء، بل هي فن إدراك المعاني العميقة خلفها. شخص يرى بعينيه ويبصر بعقله هو شخص مميز. تلك القدرة على الربط بين الرؤية والعقل تشكل شخصية قوية متوازنة، تتجلى في قراراته الصائبة ومواقفه الحاسمة. يتضح أن الشخص الذي يبصر يتعامل مع الحياة بوعي وحنكة تظهر بصيرته في تصرفاته اليومية.

 

وفي المقابل، نجد من يعبث بكل شيء حتى بنفسه، ولا يعرف الطريق الذي يسلكه. هذا الشخص يكتفي بالرؤية دون أن يبصر ما وراء المشهد ولا يمكننا أن نقول عنه إنه “يرى” بكل ماتحمله المعنى. لأنه يكتفي بما تقدمه له العين من صور سطحية، دون أن يطرح على نفسه أسئلة عميقة أو يفكر فيما يراه.

 

فالحياة لا تحتاج فقط إلى من يملك القدرة على الرؤية، بل إلى من يجمع بين الرؤية العميقة والعقل الواعي. على اعتبار ان الإنسان الذي يتمتع بالبصيرة لا يتخذ قراراته بشكل عشوائي، بل يكون فكره مرشدًا له في كل خطوة. نظرًا لكونه يتسم بالحكمة، ويواجه التحديات برؤية واضحة واستراتيجية مدروسة.

 

يتطلب منك أن تكون قويًا وصلبًا، لا تأثر فيك الرياح ولا تكسرك الظروف. إذا كنت تسير وفقًا لمنهج واضح وقيم ثابتة، فإنك لن تخيب ولن تشقى. إذا كنت تدرك دورك في الحياة جيدًا، ولا تنسى مصيرك. فالمستقبل هو ثمرة توازن داخلي ونضج عقلي ومنهج يوجه كل قرار.

 

إن البصيرة تبدأ من القلب والعقل، وتتحد الرؤية في العين فقط عندما تكون لديك القدرة على استيعاب كل ما تراه بعمق. لا تكتفي بأن ترى فقط، بل ابحث عن القدرة على أن تبصر. لا تكن ممن يمرون على الحياة دون أن يعقلوا، بل اجعل من بصيرتك أداة لرسم طريقك.

 

Share
  • Link copied
Comments ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (Number of characters left) .