مدينتك هي الأسوأ و السبب أنت
(دراسة)
أعلنت دراسة حديثة أن أسوأ مدينة للعلاقات الجديدة والحب ليست سوى المدينة التي تعيش فيها أنت، نعم، أنت شخصيًا!
اكتب دراسة هنا، و لكنها ليست حقيقة في الأصل، ليست هناك دراسة حديثة و لا قديمه من أصل، لكن اقول لك تخيّل!
تخيل ان هناك دراسة فعلا اثبتت ان أسوأ مدينة مواعدة هي مدينتك، سواء كانت مدينتك بيضاء كالثلج، حمراء كالنار، أو حتى مدينة الرياح والعواصف أو مدينة ألفية و حاضرة بالمعنى، هناك شيء واحد يجمع كل هذه المُدن و القُرى : وجودك فيها. ثم يضيف تقرير الدراسة إنك العامل المشترك الذي يُفسد فرص إستنبات الحب، تخيَّلْ. التقرير يتجاوز كل العقبات من الأسعار المرتفعة لسومة كراء البيوت إلى زحمة المواصلات تحث الشمس الحارقة في هذا الشهر. مضحك، أليس كذلك؟ لكن دعني أهمس لك بشيء، هذه ليست مجرد دراسة، بل مرآة تعكس ما حدث في شوارعنا هذا الصيف.
أنظر حولك، الناس يتحدثون كثيرًا عن الكراهية: يكرهون وظائفهم، روتينهم اليومي، أو حتى الفراغ الذي تمنحه البطالة. بعضهم يكرهون علاقاتهم، سواء كانت صداقات أو زيجات، وآخرون يشعرون بالضيق من عزوبيتهم. هناك من يكره زملاء العمل، المدير، أو حتى شوارع المدينة التي ربما أحببتها يومًا و بعضهم يكرهون قياداتهم و زعمائهم، هُم هَمٌ و أنا و أنت مُلهمُهم، اليس كذلك!
هذا ما يقول (التقرير).
حاولت فتح صفحات الحوار مع الناس-حيث كنت الحاضر الغائب- اسألهم عما يحبون وما يكرهون، لكن كل السطور التي كتبوها كانت تمردًا على الحب، بينما الكراهية كانت تنساب بسلاسة في كلماتهم.
افتح مواقع التواصل الاجتماعي، تصفّح التعليقات على الصفحات المحلية، ماذا ترى؟ شتائم، سباب، نفاق، أو تملق مبالغ فيه. لا مكان للحوار الحقيقي. قررت التواصل بأصدقاء قدامى، دعوتهم لنزهة على شاطئ المدينة، (لنختلط بالحشود هناك). تبادل عبارات الامتنان في البداية، لكن سرعان ما يتحول الحديث إلى قضايا المجتمع والعلاقات الإنسانية. الكل خائف: خائف من فشل علاقة جديدة، خائف من الآخر الذي يبدو خائفًا بدوره. لم يعد الناس يعرفون مما يخافون بالضبط. هل هو فشل تحقيق الذات؟ أم فشل في تبادل نظرة صادقة؟ الكل يرتدي نظارات شمسية، يضع طبقات من الكريمات الواقية، ويقهقه بضحكات سطحية، تفتقد العمق.
انتهت العطلة الصيفية، ومعه انتهى موسم الجذب والحماس. قليلون جدًا من سُيواصلون التواصل بعد تبادل الأرقام. قبل أيام، التقيت صديقًا في المهجر، جلوس، مراقبة المارة والسيارات عند مفترق طرق. حديث عن التغيرات في المزاج العام. الناس لم يعودوا يحترمون بعضهم، هنالك اضطراب في الأجواء وهنا غرائز ثائرة، ارواح متمردة. دخلنا عصر السرعة، حيث لا أحد يتوقف ليبتسم أو يلتقط لحظة تأمل. الجميع يُهرول إلى وِجهته، مُنهك، مُرهق، لا وقت للحب، ولا حتى لفهم سبب وجودنا على هذه الأرض -انت السبب يقول التقرير- الشوارع تصرخ كل صباح، تُعلن أنها شوارع بلا ماء يروي أشجارها.
يا صديقي، أسوأ مدينة للحب هي تلك التي تقيم فيها، ليس لأنها سيئة بحد ذاتها، بل لأننا نسينا كيف نرى الحب في زواياها. ربما حان الوقت لنتباطأ قليلاً، نبتسم، ونعيد اكتشاف اللحظات التي تجعل الشوارع أقل صخبًا وأكثر دفئًا. ماذا يقول التقرير ؟هل نجرب؟
انت فعلا سبب كل هذا!
Comments ( 0 )