مشروع تصميم تهيئة حي يعقوب المنصور بالرباط: رؤية للتنمية أم تهديد لاستقرار الساكنة
في خضم الاستعدادات لتنفيذ مشروع تصميم تهيئة الرباط الجديد، أثيرت مخاوف بين سكان الأحياء القديمة، حيث تقطن عائلات ممتدة تضم أربعة أجيال أو أقل في منازل مشتركة، مما يطرح تساؤلات حول مصيرهم في ظل المشروع. فكيف سيتم تعويض هذه الأسر وبأي قيمة؟ وهل سيكون التعويض منصفًا يتماشى مع الأسعار الحالية أم أن الساكنة ستواجه تعويضات هزيلة لا تكفل لهم الاستقرار داخل المدينة؟
لعل أبرز ما يواجهه السكان المتضررون هو إشكالية مزدوجة: الأولى تتعلق بمسألة نزع الملكية، إذ أن الانتقال من مسقط رأسهم يمثل تهديدًا لهويتهم الاجتماعية والثقافية. والثانية تتعلق بقيمة التعويض، حيث يتخوفون من فقدان حقهم في العيش داخل المدينة واستبدال منازلهم التاريخية بتعويضات لا تغطي قيمة المسكن البديل، مما قد يدفعهم إلى الهجرة القسرية نحو ضواحي الرباط أو مناطق أقل جودة.
يرى البعض، أن مشروع تصميم التهيئة يمثل فرصة ذهبية لتطوير الرباط بما يتلاءم مع المعايير المستقبلية وتحويلها إلى مدينة عصرية بمرافق وخدمات تلبي احتياجات الجميع. ومع ذلك، يؤكد المنتقدون على ضرورة مراعاة الجوانب الإنسانية والاجتماعية، مثل ضمان استقرار الساكنة وتوفير حلول إسكانية تعوضهم دون إجحاف.
هل يمكن أن تتحقق هذه التطلعات دون إلحاق الضرر بالسكان الأصليين؟ وهل يمكن أن يُحدث المشروع تنمية حقيقية دون انتزاع الجذور التاريخية للمناطق المستهدفة؟
لضمان نجاح هذا المشروع الطموح وتخفيف مخاوف الساكنة، هناك حاجة ماسة لاتخاذ تدابير عملية تشمل:
_ تقدير تعويضات عادلة: تراعي قيمة العقارات الحقيقية وتحفظ كرامة السكان.
_ إعادة إسكان مناسبة: داخل نفس المناطق أو في أماكن قريبة تضمن لهم استمرارية حياتهم الاجتماعية.
_ توازن بين التحديث وحماية الهوية: الحفاظ على التراث المعماري والاجتماعي للأحياء المتضررة.
_ اعتماد مقاربة تشاركية: إشراك السكان في مراحل التخطيط والتنفيذ لضمان توافق الرؤى.
وفي سياق متصل، فإن مشروع تصميم تهيئة الرباط هو بلا شك خطوة نوعية نحو المستقبل، لكنه اختبار حقيقي لقدرة المدينة على تحقيق التوازن بين التطور العمراني وحماية حقوق السكان. فهل سيكون هذا المشروع بوابة لتنمية شاملة أم مجرد بداية لأزمة اجتماعية جديدة؟
Comments ( 0 )