مغامرة فرنسية على عجلات C50
لوك وتوماس يرسمان خطوطا لحريتهم عبر المغرب.
في ساحل آسفي، حيث يلتقي الأطلسي بالرمال الذهبية، شهد اليوم حادثاً مرورياً بسيطاً تحول إلى قصة إنسانية. شاب فرنسي يسقط من دراجته النارية الصغيرة طراز C50، وفي لحظة مساعدة عفوية، ينكشف خلف الخوذة وجهان مبتسمان من مدينة تروا في إقليم الشمبانيا الفرنسي.
لوك كولوت وتوماس آنوصلا وصلو للمغرب قبل شهر، ويخططان للبقاء شهراً إضافياً، بعد أن أجبرتهما تعقيدات الوثائق على تأجيل العودة بالدراجات إلى فرنسا، مفضلين استكشاف المزيد من البلاد قبل بيعها.
رحلة بدأت من مراكش، اشترى الصديقان دراجتيهما من أسواق مراكش النابضة، ثم انطلقا نحو جبال الأطلس الكبير. طريق وعر يختبر الشجاعة والصبر، لكنه يمنح شعوراً بالحرية المطلقة. من هناك، توجهوا غرباً إلى آسفي، حيث التقيا بطاقم الجريدة، ثم شمالاً عبر الطريق الأطلسي نحو الدار البيضاء، ففاس، وأخيراً طنجة. كل كيلومتر على الـC50 – الدراجة الاقتصادية البسيطة التي لا تتجاوز سرعتها 50 كيلومتراً في الساعة – كان درساً في البساطة والتواضع.”اخترنا الـC50 لأنها رخيصة وسهلة الصيانة، وتسمح لنا بالتوقف في أي مكان دون تعقيد”، يقول لوك بابتسامة عريضة، بينما يتأمل شرجي المرور الذي يسأله عن حالته الصحية و ان كان الامر يستدعي نداء الوقاية المدنية. أما توماس فيضيف: “في فرنسا، نسافر بالسيارات أو القطارات، لكن هنا، كل شيء يبدو أقرب وأصدق”.هوايات تجد موطنها في الطبيعة المغربية لوك وتوماس ليسا مجرد سائحين. هواياتهما تتوزع بين التسلق والسفر البري والمشي لمسافات طويلة. “المغرب يوفر مساحات شاسعة لا حدود لها”.
يؤكد توماس. “تسلقنا في توبقال، مشينا في وديان الأطلس سهول الحوز، واستمتعنا بمناظر الساحل من فوق الدراجة. هنا، الطبيعة ليست ديكوراً، بل شريكاً في المغامرة”.الحادث البسيط في آسفي – سقوط توماس بسبب حفرة في الطريق – لم يثنِ عزيمتهما. بل تحول إلى فرصة للتواصل مع البحارة المحليين، الذين هرعوا للمساعدة قبل أن يواصلو الرحلة شمالا. “شعرنا بدفء الضيافة المغربية الحقيقية”، يقول لوك. “الأمن و الطمئنينة بعد الحادث كان أجمل من أي علاج”.
شهر إضافي من الاكتشاف
بعد فشل خطة إعادة الدراجات إلى فرنسا بسبب الإجراءات الجمركية، قررنا تمديد الرحلة. “سنزور الصحراء الشرقية، ثم نعود إلى الشمال قبل بيع الدراجات في طنجة”، يخطط توماس. “ربما نعود العام المقبل، لكن هذه المرة بالدراجات النارية الكبيرة”.
رسالة من قلب المغامرة !
في زمن تغلب فيه الرفاهية على البساطة، يثبت لوك وتوماس أن المغامرة الحقيقية لا تحتاج إلى تكلفة باهظة. دراجة C50، حقيبة ظهر، وروح شابة تكفي لرسم ذكريات لا تُمحى. “المغرب لم يغيرنا فقط”، يختم لوك، “بل جعلنا نرى العالم بمنظار أوسع”.قصة لوك وتوماس ليست مجرد رحلة سياحية، بل شهادة على أن المغرب لا يزال يحتضن المغامرين، ويمنحهم مساحة ليكتبوا فصولاً جديدة من حياتهم على طرقاته الوعرة والجميلة.
Comments ( 0 )