ياسين الرضواني
في الوهلة الأولى، سيبدو لك من بعيد، بنك كباقي الأبناك، بباب زجاجي سميك، و شباك اوتوماتيكي على الجانب، وحارس، و كذا زبناء ينتظرون دورهم عند المدخل، لكن بعد أن تقترب، ستكتشف أن ذلك الباب لا يفتح إلا بعد انقضاء ثلث عمرك، و الشباك الأوتوماتيكي؛ إن لم يكن متوقف عن العمل، يخبرك بأنه خال من الأموال، و يعيد لك بطاقتك البنكية، هذا إن كنت محظوظا و لم تقبع داخله، أما الحارس، فيضعونه وسط حرب بين انفعال الزبون من كثرة الانتظار، و “بطؤ النظام البنكي” أو “انقطاع الأنترنت”، تلك الكلمات التي يأمرونه بقولها، في حين تكون نسبة حدوثها في الواقع أقل بكثير من نسبة تجهزهم لأكل وجبة الفطور، أو الغداء، بالفعل لا مانع في هذا، فكل موظف من حقه أن يحظى بمكان عمل مناسب تراعى فيه شروط العمل، لكن بالمقابل، أن يأخذ تلك الوجبات “في وقتها المحدد”. لا أن يترك الحارس يواجه الزبناء، و لا الزبناء يواجهون أشعة الشمس و الحرارة، في الوقت الذي ينعم فيه بمكيف كهربائي فوق مكتبه، دون اعتبار لما يقع بالخارج.
بالفعل لا نتحدث هنا عن الجميع، فمن يحترم نفسه يحترم المواطنين و يراعي ظروفهم، وبالطبع، كما يوجد الطالح، يوجد الصالح الذي يعمل بتفانٍ و مسؤولية، و يقدر ظروف الناس كما يقدر ظروفه، رغم اشتغاله في شركة خاصة لا تلزمه ربما أن يكون مسؤولا كمن يشتغل بالقطاع العام و يدبر شؤون أكثر أهمية للمواطن، لكن في مرات عديدة، يكون هذا المواطن محتاجا لإجراء معاملة بنكية أكثر من احتياجه لتواجد الطبيب داخل المستشفى، و لما لا أن تكون حاجته الملحة لتحويل النقود لشخص آخر عبر الوكالة البنكية، مسألة حياة أو موت، خاصة إن وجد التطبيق متوقفا عن العمل، كما جرت العادة.
ذلك التطبيق الافتراضي و الذي لا يجسد صورة افتراضية فقط للبنك، بل هو مرآة تعكس واقعه، يكون في أغلب الأوقات متوقفا عن العمل، فعلى سبيل المثال كان التطبيق طيلة الخمس أيام الماضية عاطلا، بل لم يترك زبناء البنك موقعا للتواصل الاجتماعي إلا و اشتكوا عبر التعاليق بحساب الشركة لإيجاد حل لهذا المشكل، لكن لحدود كتابة هذه الأسطر، لا زال التطبيق عاطلا عند أغلب الزبناء، دون الحديث عن مسألة جاري بها العمل تحدث لعدة أشخاص، بين الفينة و الأخرى، بعد أن يدخلون حسابهم و يجدوا أموالهم أو بعضها و قد هبت مع الرياح، لتخرج الشركة باعتذار بعدها، و ببيان تؤكد فيه تعرض العديد من الزبناء لعملية اختلاس لبيانات بطائقهم البنكية من طرف مواقع وهمية، الشيء الذي يجعل نظام الحماية بهذا البنك “شاهد مشفش حاجة”.
و من جهة مقابلة، لا ننكر أن هذا البنك أعطى الفرصة بالمجان للشباب الراغبين في فتح حساب بنكي، الشيئ الذي لا يوفره أي من الأبناك الأخرى، ما ساعدهم في ادخار أموالهم في بداية مسارهم المهني بطريقة قانونية، بالاضافة إلى فتحه لمجال القروض العقارية و السياحية بالبلاد، الشيء الذي يساهم في إنعاش السيرورة الاقتصادية الوطنية، لكن تبقى علامات الاستفهام موضوعة على شيء واحد فقط، بحيث يمكن أن يُغض الطرف على كل ما سبق ذكره، إلا عن ما فيه مس لكرامة الزبون الذي يعتبر مواطن قبل كل شيء، فليس من الأخلاقي أن يتعامل معه بعض الموظفين بتلك الطريقة المنحطة، ليبقى السؤال قائما، لماذا يوجد بهذا البنك بوكالاته المتعددة موظفين بذلك التعجرف أكثر من أي بنك أو وكالات أخرى ؟
الجذير بالذكر، أن كاتب المقال فضل عدم ذكر أسماء أولئك الموظفين أو حتى إسم ذاك البنك الذي يشتغلون به، تفاديا لإحراج موظفي “Cih Bank”.
Comments ( 0 )