منظور ثورة الملك و الشعب : من أجل مغرب أفضل للجميع

منظور ثورة الملك و الشعب : من أجل مغرب أفضل للجميع

 

 

 

إذا كان التاريخ بمعنى الماضي هو مجموع الإمكانيات التي حققناها فإن المستقبل هو الإمكانيات التي ننتظر تحقيقها.

 

و عندما ننظر اليوم للماضي من جنس 71 سنة الماضية على ثورة الملك والشعب فإنه من غير المعقول انتظار مستقبل يختلف عن الماضي إذا سجنت الإمكانيات التي تنتظر التحقيق في قوالب تلك التي تحققت.

 

اربعة أجيال واليوم نحن في 2024 قد وصلنا لإطلالة الجيل الرابع الذي تستقطبه “ثورة الملك والشعب”..التي أعد لها الجيل الأول من المغاربة الاحرار.

 

تاركا خلفه أجيال تحاول رسم الاتجاه الذي سيأخذه المغرب الكبير ؛ جيل الحريات و التنمية و السيادة و الإزدهار.

 

ذكرى تعيد نفسها باستمرار لتُذكرنى بتفرد نظام المغرب الضارب في جذور التاريخ، نظام يحفظ استمراريته بحفاض الشعب و العرش على قداسة البيعة والولاء للوطن و مقدساته.

 

فبين معطيات الماضي وآفاق المستقبل يعتبر إحتفال المغرب بذكرى ثورة الملك والشعب ذكرى تراص القوى الحية أمام نزعات التفرقة و التشرذم التي أصابت محيطنا الإقليمي، لأن ذكرى إقدام السلطات الاستعمارية الفرنسية على عزل الملك محمد الخامس ونفيه هو وأسرته خارج البلاد وتنصيب آخر ممن لم يرضى آباؤنا مكانه، ضدا على الشرعية، اعتُبرت حينها تحديا لشعور الشعب المغربي وإرادته. لقد كانت هذه الحادثة نقطة تحول حاسمة في تاريخ نضال المغرب من أجل استقلاله و سيادته. بعد أن مهدت السلطات الفرنسية الإمبريالية في المغرب لهذه الحادثة باعتقال وإبعاد قادة الحركة الوطنية، الذين كانوا يمارسون النضال من أجل الاستقلال، بتنسيق مع محمد الخامس بالوسائل السياسية. ولما ضاقت القوى الاستعمارية ذرعا بالنضال الوطني السياسي وبمطالبة محمد الخامس والحركة الوطنية بجعل حد لمعاهدة الحماية والاعتراف للمغرب باستقلاله، أقدمت مع اذنابها على ما اعتبرته الضربة القاضية على الحركة الوطنية المغربية فعزلت محمد الخامس عن العرش وأبعدته هو وأفراد أسرته إلى جزيرة مدغشقر، يوم 20 غشت 1953، تحدي سافر لم تجد أطر الحركة الوطنية التي كان قادتها في السجون والمنافي – سبيلا للرد عليه سوى الارتقاء بالنضال الوطني إلى مرحلة المقاومة المسلحة. وهكذا قامت حركة الفداء من أجل السلطان والمقاومة من المدن نحو قرى و مداشر المغرب، ثم جيش التحرير في الريف و الأطلس و السواحل، ولم تأت سنة 1955 حتى اضطرت فرنسا إلى إرجاع الملك لشعبه الوفي في ذكرى عيد العرش آنذاك 18 نوفمبر 1955، ثم الدخول معه ومع قادة الحركة الوطنية في مفاوضات الاستقلال التي انتهت بالإعلان عن إلغاء معاهدة الحماية والاعتراف باستقلال المغرب يوم 2 مارس 1956. لتأتي الذكرى الأولى لعزل الملك، والمغرب قد استعاد استقلاله، حيث فكر قادة المقاومة في تخليد هذه الذكرى، بعد انعقاد اجتماع بينهم وبين محمد الخامس لنفس الغرض. كان من بين قادة المقاومة الحاضرين حينها بالاجتماع عبد الرحمان اليوسفي ومحمد البصري وعبد اللطيف بنجلون. وقد اقترح المرحوم عبد اللطيف كما تُخبر بذلك كتب التاريخ أن يُطلق على هذه الذكرى اسم “ذكرى ثورة الملك والشعب”، وكان الأمر كذلك. ومنذ ذلك الوقت والمغرب يحتفل بهذه الذكرى تحت هذا الشعار.

 

لا يزال من الضروري اليوم و نحن في 2024 التذكير بهذه المعطيات التاريخية، لأنها ككثير غيرها من وقائع ذلك الوقت لم تعد حاضرة في ذاكرة الناس في المغرب وخاصة الشباب والجيل الصاعد، فمدة 71 سنة هي عمر جيل عاش طفولته مع فرحة عودة ملك الاستقلال و كل أحلام شبابه انخرطت بالتضحيات من أجل مغرب أفضل لأبنائه. ومعنى ذلك أن الجيل الذي صنع تاريخ ذكرى 20 غشت قد أخذ يترك المكان لجيل آخر ولد أو انفتح وعيه السياسي بعد هذه الذكرى، وبالتالي فمثل هذه الذكرى وغيرها من ذكرياتنا الوطنية لا تشكل جزءا من ذاكرته الوطنية بفعل الممارسة ومعاصرة الحدث، بل بفعل السماع و الدعاية فقط. ليس من رأى كمن سمع.

 

و على أن حادث 20 غشت 1953 لم تكن بداية فصل جديد من ذاكرتنا الوطنية وحسب، لانها كانت أيضا تتويجا لصفحة من أغنى صفحات هذه الذاكرة و صفحة عاش وقائعها الجيل الذي انتهى به الزمان مع هذه الحادثة أو قبلها. فذكرى ثورة الملك والشعب التي تسلخ اليوم 71 سنة من عمرها لا يمكن فهم مغزاها وكامل أبعادها من خلال وقائع هذه السبعين سنة التي جاءت بعدها وتفصلنا عنها وحسب، بل لا بد من الرجوع قبلها لأربعين سنة أخرى، إلى سنة 1912، تاريخ فرض فرنسا لحمايتها على المغرب، وهو التاريخ الذي كان يحتل نقطة المركز في ذاكرة الجيل الأول من أجيال المغرب الحديث الثلاثة: جيل 1912 وجيل 1953 وجيل 1993 عكس جيل الـ 2000 هذا الجيل الأخير الجيل الصاعد، لأن جيل اليوم لا يعرف من ذكرى ثورة الملك والشعب إلا الاسم وما يحوم حول الاسم من لافتات و احتفالات.

 

فكيف يمكن أن يتحمل الجيل الصاعد مسؤولية الغد في حين أن الذكريات التاريخية التي صنعت تاريخ المغرب 2024 هي عندهم فارغة من مضامينها ومغزاها؟

 

أليست فرصة سنوية نربط فيها بين أربعة أجيال لندشن فيها وحولها ما نأمل الاشتغال به كما سمعنا و تأملنا و تألم أجدادنا من اجله؟

 

الم يحن الوقت على توجيه منظورنا إلى المستقبل بعد إشارة الملك إلى التقليل

من مظاهر الاحتفاء والاحتفال بالذكرى لتعزيز البعد آخر لتاريخنا بالمعنى الذي يطلق فيه لفظ تاريخ على المستقبل أيضا وليس على الماضي وحده!؟

 

منظور أوسع

 

لقد أصبح للإنسان المغربي اليوم قبل اي وقت سبق مع العهد الجديد أن يلتمس لنفسه مجالا يتحرك فيه بكل حرية وهو يعالج مغزى ذكريات الوطن بموضوعية داخل سياقات التطورات الداخلية والخارجية و دينامية المجتمع، و هذا ما يبرر تدشين القول جديد حول هذه الذكرى الغالية لربط المستقبل بالحاضر والماضي في أفق الحفاظ على وحدة الأمة واستمرارية النماء في هذا البلد الذي لا زال الماضي والحاضر و المستقبل يشكل فيه كيانا واحداً يتوقف توازنه وتتوقف صحته وعافيته على مدى وعي الطبقة السياسية فيه بما هو آت، ضرورة وعيها، بأن ما مضى ما كان ليكون على غير ما كان لولا لحمة الملك و الشعب التي

صنعت الماضي، وأننا نحن الذين يجب أن نصنع المستقبل..

 

الصورة الأكبر

 

“نحن” بمعنى المغرب ككل!

“نحن” من اجل مغرب افضل للجميع!.

 

 

Share
  • Link copied
Comments ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (Number of characters left) .