مهرجان النصب و المزايدة على القيم الإنسانية
أصبحت الفضائات الثقافية تنتظر أكثر من أي وقت سبق حضور المبدعين و الفنانين ذوي القيمة العالية، كذلك الأمر بالنسبة للجمهور الذي يبدو أن صحوتاً أصابته جعلته يتوق إلى تقديم أعمال فنية تُعبر عن القيم الإنسانية التي تشبهه، ولكن ما إن نغوص في أعماق هذه الصناعة، نجد أن بعض الأشخاص يتخذون من هذه القيم رُخصة للنصب والاحتيال.
و أكبر مثال على ذلك هو ما وقع نهاية هذا الأسبوع بأكادير، حيث كانت الفنانة الكبيرة سعيدة فكري هي النجمة المحورية.
سعيدة فكري، التي تشتهر بأغانيها التي تدعو للسلام والمساواة و التامغرابيت بعد سماعها لانين جبال الريف في وقت سابق من شبابها، كانت ضيف الشرف في هذا المهرجان.
ولكن خلف الكواليس، كان على ما يبدوا أن منظماً يتربص بها كالثعلب في عشه المظلم.
كانت خطته الرائعة تعتمد على استغلال شهرتها وضربها في الصميم من خلال التسويق لنفسه على أنه المُنقذ الذي سيُلهِمها ويحقق لها أحلامها الفنية.
بدأ قصة الثعلب بالتودد كأنه وسط قطيق من الخرفان، متظاهرًا بأنه مُعجب بأعمالها. و يحاول إقناعها بالمشاركة في مشروع فني جديد يتطلب التمويل الجماهيري، والذي كان يعني ببساطة: أعطني أموالك وسأعِدك بنقل صوتك للعالم!
لكن الفنانة الحرة ذات الآراء و المواقف، و بخبرتها في عالم الفن، أدركت بعض العلامات الغريبة بعد رحلتها المكوكية التي أتت بها من الولايات المتحدة لمُعانقة المغاربة بعد وَحشة الغُربة.
الفرشة
أدركت فكري بيقضتها محاولة النصب، و خرجت في مؤتمر صحفي لم تحظر فيه وسائل الإعلام حيث كان باديا ان بونجات الصحافة و البونيتات المأجورة خجلت من حضور مثل هذه المخرجات الوازنة و الثقيلة.
مؤتمر صحفي مفاجئ أطل علينا في عتمة الليل و سرق النوم من عيوننا، حيث كشفت سعيدة أن المؤامرات التي حيكت وراء ضهرها من قبل لم تكن يوماً من قِبل الجهات كما كانت تعتقد.
تصيح المسار
شاركت فكري بفكرها الراقي قصتها و تبحرت في كشف بعض خبايا الفن و الثقافة في البلاد التي هجرتها، وضعت الأمور في نصابها. قصف و لا مبالاة و برزانة الفنان المبدع، لا نخفيكم أننا شعرنا بالخجل من قائمة الدوائر التي ذكرت و التي كانت تُعرقل إسماع صوتها للمغاربة التي اعتبرتم رأس مالها على هذه الأرض الشريفة، المغرب، وبدلاً من أن تتراجع، قررت أخيرا قراراً، نشكر عبره التريتور ،لأنه الشئ الوحيد الذي يُحسب له في هذه الواقعة، لقد قررت أخيراً فكري الاستقرار معنا في المغرب ، مُتوعدة، أنها لن ترجع للولايات المتحدة، و ستختار الإقامة الدائمة في المغرب للدفاع عن فنها الهادف.
شكراً ايها التريتور الفذ !
هاذي ليك من عندي!
في انتظار الشكاية التي ستضعها لك عند السلطات المختصة في انفاذ القانون و ردع التشهير و الابتزاز و النصب و الاحتيال !
شكرا أستاذة فكري على جعل النصب و الاحتيال مادة للسخرية، ننتظرك على أحر من الجمر للغناء عن فن الطماعة و مهرجانات الاحتيال، إننا متعبون ، لم تقهرنا ظروف العيش أكثر من القاهرة التي نشعر بها اليوم ممن يُمولون للضحك على الذقون، اكيد ان الشباب الصاعد سيحبون فنك الراقي ، ستحدثهم امهامتهم عن مسيرتك، لا تكوني في ضيق مما يمكرون، فأنت آخر القلاع الشامخة على المسرح الثقافي.
المسرح الكبير
حتى في عالم الفن، يبقى الوعي والتفكير النقدي سلاحاً قوياً، وأعداء القيم الإنسانية لن ينجحوا في النيل من المبدعين الحقيقيين.
Comments ( 0 )