نصف قرن من النضال والازدهار
في السادس من نوفمبر 1975، كتب ثلاثمائة وخمسون ألف مغربي ومغربية_يرمزون لمعدل ولادات المغرب_ صفحةً من نور في تاريخ الأمم، حين انطلقوا سلميين، يحملون المصاحف والأعلام، ليعلنوا للعالم أن الصحراء كانت وستظل جزءاً لا يتجزأ من الوطن. لم تكن تلك المسيرة الخضراء مجرد حدث عابر، بل كانت بداية رحلة طويلة من النضال الدبلوماسي والتنموي، تتوج بعد نصف قرن بالضبط، في الحادي والثلاثين من أكتوبر 2025، بقرار مجلس الأمن رقم 2797، الذي أكد أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد الجاد والقابل للتطبيق.منذ اتفاق مدريد عام 1975، مروراً باتفاق السلام مع موريتانيا عام 1979، وصولاً إلى مبادرة الحكم الذاتي التي أطلقها المغرب عام 2007 وأشاد بها العالم، كان كل خطوة مدعومة بشرعية تاريخية وقانونية لا تُنازع. فقد أقرت محكمة العدل الدولية روابط البيعة بين قبائل الصحراء والعرش العلوي، واعترفت الأمم المتحدة بانسحاب إسبانيا وتسليم الإدارة للمغرب. ومع اعتراف الولايات المتحدة عام 2020، ثم فرنسا وبريطانيا وإسبانيا، وأخيراً قرار مجلس الأمن الأخير، أصبح موقف المغرب لا يقبل الجدل: الصحراء مغربية، والمغرب في صحرائه.لكن السيادة ليست مجرد خط على الخريطة. إنها التزام يومي ببناء حياة كريمة لأبناء الصحراء. لذلك، أطلق المغرب نموذجاً تنموياً طموحاً للأقاليم الجنوبية، ضخ فيه أكثر من ثمانين مليار درهم، ليحول الرمال إلى واحات من الازدهار. ميناء الداخلة الأطلسي يفتح أبواب إفريقيا على العالم، ومحطات الرياح في بوجدور وتيسكراد والعيون تضيء مستقبل الطاقة النظيفة، وطريق تزنيت-الداخلة السريع يربط الجنوب بالشمال بخيوط من حديد وأمل. مشاريع تحلية المياه، والزراعة المستدامة، والمستشفيات الحديثة، والجامعات، كلها شهادات حية على أن المغرب لا يسترجع أرضه بالكلام، بل يبنيها بالعمل.وفي الوقت الذي تشتعل فيه الفتن بين الشعوب، يمد المغرب يده لجيرانه عبر مبادرة الأطلسي، ليجعل من صحرائه جسراً للتنمية المشتركة، لا حاجزاً للخصام. إنه نموذج نادر لقيادة حكيمة تحول التحدي إلى فرصة، والنزاع إلى تعاون.اليوم، بعد خمسين عاماً من المسيرة الخضراء، يقف المغرب شامخاً، موحداً من طنجة إلى الكويرة، يروي للعالم قصة شعب لم يسترد أرضه فحسب، بل جعلها منارة للتنمية والسلام. الصحراء مغربية، والمغرب في صحرائه إلى الأبد.
الصورة الأكبر:
القرار الأممي ليس نهاية، بل بداية عصر جديد: عصر المغرب الكبير، حيث تتحول الصحراء إلى جسر حضاري يربط القارات. إنها إشادة بـ350 ألف بطل مسيرة، وبقائد حكيم حوّل الرمال إلى ذهب التنمية.
Comments ( 0 )