هل سمعتم بهجرة الأطر الصحفية؟

هل سمعتم بهجرة الأطر الصحفية؟

 

حين يصبح الواقع مرًّا… يدفع بالكفاءات الإعلامية إلى المنفى بحثا عن الكرامة والحرية والعيش الكريم

 

 

في الوهلة الأولى قد تبدو الجملة غريبة شيئًا ما، أو تتشابه مع الجملة الشهيرة “هجرة الأدمغة”، لكن إذا ركزت قليلا ستجد أن العامل المشترك بينهما هو “الهجرة”، فيما يكمن الفرق في المصطلحات فقط. أظن أن هذه المرحلة عادت بعد غياب طويل، حيث انسحب أغلب المثقفين والأطر العليا التي لقيت حتفها بعد تعرضها لضغوطات خانقة من جهات معينة، تسعى لردعها ومنعها من المشاركة في تنمية البلاد سواء عبر البحث أو الابتكار أو الإبداع. الأمر الذي نتج عنه إعلان غير مباشر للحرب على هذه الفئة حتى قررت الهجرة إلى ملاذ آمن، حيث توجد الأرضية الخصبة لإبراز المواهب وتطوير الأفكار وتحويلها إلى مشاريع واقعية يستفيد منها بلد آخر غير بلدهم الأم والسبب؟ أولئك الذين ضيقوا الخناق عليهم وحاربوهم وحالوا بينهم وبين تنمية وطنهم.

 

نفس القصة تتكرر مع الصحفيين والصحفيات الشرفاء الذين يشتغلون بمهنية عالية بكل جدية وطموح ويخوضون في القضايا الوطنية الكبرى، ويعالجون مختلف المواضيع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بل يعملون من أجل المصلحة العامة ويمثلون المغرب في المحافل العالمية والإقليمية بمستوى يليق به، كما يسعون إلى رسم معالم صحافة جديدة مبنية على المهنية والحياد المقرونين بالنزاهة والإخلاص في العمل. إلا أن هذه الفئة التي يمكن وصفها بالقليلة، تتعرض لضغوطات كبيرة مادية ومعنوية واجتماعية تعرقل عملها بشكل مستمر. فكيف يمكن للصحفي أن يقاوم في وسط يفتقر لأبسط سبل البقاء؟ ما الذي يعرقل سير هذا القطاع وتنظيمه؟ هل تأخر هيكلته مبرر؟ أم أن هناك أسباب أخرى خفية لم تكشف بعد؟

 

للأسف، أن يكون وضع الصحفي في المغرب بهذا الشكل يفتقر لمقومات الكرامة والاستقرار بدل أن يتفرغ لعمله وينخرط في البحث والتحقيق والتحليل ومعالجة القضايا، لازال يتخبط في مشاكل مهنية مزمنة تظهر في كل زاوية، والظاهر أنها ستستمر لفترةطويلة. ناهيك عن غياب الوضوح والتواصل من الجهات المسؤولة، فلا توجد معلومة دقيقة عن مآل الصحفي المهني، ولا متى سيتغير هذا الوضع. لا توجد أجوبة صريحة لحد الآن، خاصة ونحن مقبلون على مناسبات وطنية وعالمية تتطلب الحزم والجدية في تنفيذ المشاريع وضبط زمام الأمور والعمل على تنزيل الاستراتيجيات دون تأخير.

 

إن الوضع الآني يطرح تحديات كبرى تحول دون استمرار الصحفي على كافة المستويات، مما دفع بعضهم إلى التفكير في الهجرة، في ظل المضايقات التي يتعرضون لها أثناء مزاولتهم لمهامهم فضلا عن حرية التعبير التي باتت تُعامل كجريمة يعاقب عليها القانون بشكل أو بآخر.

 

إلى جانب ذلك، إن الصحفي في المغرب يعاني الأمرين، وضعيته الاعتبارية والمالية في الحضيض، بالإضافة إلى عمله المقيد بسلاسل وأقفال. إلى متى؟ هل هذه نهاية الصحافة المهنية في المغرب؟ أم بداية لمرحلة جديدة؟ كلها أسئلة تدور في ذهن هذا الصحفي الذي يحارب كل أشكال الضغط من أجل الحفاظ على وجوده في وطنه، والعمل على تنميته وتحقيق المصلحة العامة، وإرساء معالم المهنية التي ينبغي أن يتحلى بها الجسم الصحفي. إلا أن الثمن كان باهضا.

 

في خضم هذه المعاناة يولد شيء جديد لا نعلم ما هو، لكننا نأمل أن يكون جيدًا يليق بالقطاع عامة وبالصحفي خاصة، وأن يتم النظر في وضعيته وتسويتها في أقرب وقت. نريد عملا مشتركا، جادًا، مستمرا، استعدادًا للمراحل المقبلة وخدمة للصالح العام.

 

فالصحافة ليست سلاحًا نحارب به… بل هي صوت ونبض الوطن.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Share
  • Link copied
Comments ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (Number of characters left) .